وتمكنوا حتى أقبل آخرهم فأحاطوا بالمسلمين، فأكرم اللَّه من أكرم منهم بالشهادة، وهم سبعون، وتولى الصحابة، وخلص المشركون إلى رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - فجرحوا وجهه، وكسروا رباعيته اليمنى، وكانت السفلى، وهشموا البيضة على رأسه، وقاتل الصحابة دفاعاً عن رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - (١).
وكان حول النبي - صلى الله عليه وسلم - رجلان من قريش، وسبعة من الأنصار، فقال - صلى الله عليه وسلم - لما رهقوه، وقربوا منه:((من يردهم عنا وله الجنة، أو هو رفيقي في الجنة))، فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، ثم رهقوه أيضاً فقال:((من يردهم عنا وله الجنة))، فتقدم رجل من الأنصار فقاتل حتى قتل، فلم يزل كذلك حتى قتل السبعة، فقال رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - لصاحبيه:((ما أنصفنا أصحابنا)) (٢).
وعندما اجتمع المسلمون، ونهضوا مع النبي - صلى الله عليه وسلم - إلى الشعب الذي نزل فيه، وفيهم أبو بكر، وعمر، وعلي، والحارث بن الصّمة الأنصاري وغيرهم، فلما استندوا إلى الجبل أدرك رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - أُبَيُّ بن خلف، وهو على جواد له، ويقول: أين محمد، لا نجوت إن نجا؟ فقال القوم: يا رسول اللَّه، أيعطف عليه رجل منا، فأمرهم رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - بتركه، فلما دنا منه تناول رسول اللَّه - صلى الله عليه وسلم - الحربة من
(١) انظر: زاد المعاد، ٣/ ١٩٦، ١٩٩، والرحيق المختوم، ص٢٥٥، ٢٥٦. (٢) أخرجه مسلم في كتاب الجهاد والسير، باب غزوة أحد، ٣/ ١٤١٥، (رقم ١٧٨٩).