وإذا رأى النبي - صلى الله عليه وسلم - الرجل ضعيف الإيمان، فقد كان - صلى الله عليه وسلم - يجزل له في العطاء، قال - صلى الله عليه وسلم -: ((إني لأعطي الرجل وغيره أحبّ إليّ منه خشية أن يُكبَّ في النار على وجهه)) (١)؛ ولذلك كان - صلى الله عليه وسلم - ((يعطي رجالاً من قريش المائة من الإبل)) (٢).
ومن مواقفه الحكيمة العظيمة في ذلك ما فعله - صلى الله عليه وسلم - مع المرأة المشركة صاحبة المزادتين، فإنه بعد أن أسقى أصحابه من مزادتيها، ورجعت المزادتان أشد ملاءةً منها حين ابتدأ فيها قال لأصحابه:((اجمعوا لها))، فجمعوا لها - من بين عجوة ودقيقة وسويقة - حتى جمعوا لها طعاماً كثيراً وجعلوه في ثوب، وحملوها على بعيرها، ووضعوا الثوب بين يديها، فقال لها - صلى الله عليه وسلم -: ((اذهبي فأطعمي هذا عيالك، تعلمين والله ما رزأناك (٣) من مائك شيئاً، ولكن الله هو الذي أسقانا)).
وفي القصة أنها رجعت إلى قومها فقالت: لقيت أسحر الناس، أو هو نبي كما زعموا، فهدى الله ذلك الصرم (٤) بتلك المرأة، فأسلمت وأسلموا (٥).
وفي رواية: فكان المسلمون بعد ذلك يغيرون على من حولها من
(١) البخاري، كتاب الزكاة، باب قوله تعالى: {لاَ يَسْأَلُونَ النَّاسَ إِلْحَافًا}، برقم ١٤٧٨، ومسلم، كتاب الزكاة، باب إعطاء من يخاف على إيمانه، برقم ١٥٠. (٢) البخاري، كتاب فرض الخمس، باب ما كان النبي - صلى الله عليه وسلم - يعطي المؤلفة قلوبهم، برقم ٢٩٧٨. (٣) ما رزأناك: أي: لم ننقص من مائك شيئاً. انظر: فتح الباري، ١/ ٤٥٣. (٤) الصرم: أبيات مجتمعة من الناس. انظر: فتح الباري، ١/ ٤٥٣. (٥) البخاري، كتاب المناقب، باب علامات النبوة، برقم ٣٥٧١، ومسلم، كتاب المساجد ومواضع الصلاة، باب قضاء الصلاة الفائتة واستحباب تعجيل قضائها، برقم ٦٨٢.