وقد أخبر الله تعالى في القرآن: أن أهل العلم هم الذين ينتفعون بالقرآن، فقال تعالى:{وَتِلْكَ الأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ وَمَا يَعْقِلُهَا إِلاَّ الْعَالِمُون}(٢) وفي القرآن الكريم بضعة وأربعون مثلاً (٣)،وقد كان بعض السلف الصالح، وهو عمرو بن مرة: إذا مرَّ بِمَثَلٍ من أمثال القرآن ولم يفهمه يبكي ويقول: ((لست من العالمين)) (٤)،ولابد لمن تدبر القرآن أن يجاهد بقلبه وفكره؛ لينال هذا العلم العظيم، وقد قال يحيى بن أبي كثير:((لا يُنال العلم براحة الجسم)) (٥)،ولا ينال العلم إلا بهجر اللذات وتطليق الراحة، ولا ينال درجة وراثة النبوة مع الراحة (٦)، ولا شك أن التأمل في القرآن هو: تحديد ناظر القلب إلى معانيه وجمع الفكر على تبصره، وتعقله، وهو المقصود بإنزاله، لا مجرد تلاوته بلا فهم، قال الله تعالى:{كِتَابٌ أَنزَلْنَاهُ إِلَيْكَ مُبَارَكٌ لِّيَدَّبَّرُوا آيَاتِهِ وَلِيَتَذَكَّرَ أُوْلُوا الأَلْبَاب}(٧)،وقال تعالى:
(١) انظر: مفتاح دار السعادة، ١/ ٥٥٣ - ٥٥٤، والآية من سورة المائدة، آية: ١١٨. (٢) سورة العنكبوت، الآية: ٤٣. (٣) أعلام الموقعين، لابن القيم، ١/ ١٦٣ - ٢١١، جمع رحمه الله جميع الأمثال في القرآن هناك، وانظر: مفتاح دار السعادة لابن القيم، ١/ ٢٢٦. (٤) مفتاح دار السعادة، لابن القيم، ١/ ٢٢٦. (٥) صحيح مسلم، برقم ١٧٥ - (٦١٢) .. (٦) ابن القيم، في مفتاح دار السعادة، ١/ ٤٤٦. (٧) سورة ص، الآية: ٢٩.