الله - صلى الله عليه وسلم - ولم يدع على قومه، بل دعا لهم بالمغفرة، لأنهم لا يعلمون.
فعن عبد الله بن مسعود - رضي الله عنه - قال: كأني أنظر إلى رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يحكي نبياً من الأنبياء ضربه قومه وهو يمسح الدم عن وجهه، ويقول:((اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون)) (١).
فالأنبياء -عليهم الصلاة والسلام- وعلى رأسهم محمد - صلى الله عليه وسلم - قد كانوا (٢) على جانب عظيم من الحلم والتصبر، والعفو والشفقة على قومهم ودعائهم لهم بالهداية والغفران، وعذرهم في جنايتهم على أنفسهم بأنهم لا يعلمون (٣)، قال النبي - صلى الله عليه وسلم -: ((اشتد غضب الله على قوم فعلوا هذا برسول الله - صلى الله عليه وسلم -))، وهو حينئذ يشير إلى رباعيته، ((اشتد غضب الله على رجل يقتله رسول الله - صلى الله عليه وسلم - في سبيل الله - عز وجل -)) (٤).
وفي إصابة النبي - صلى الله عليه وسلم - يوم أحد عزاء للدعاة فيما ينالهم في سبيل الله من أذى في أجسامهم، أو اضطهاد لحرياتهم، أو قضاء على حياتهم، فالنبي - صلى الله عليه وسلم -
(١) البخاري مع الفتح، كتاب الأنبياء، باب حدثنا أبو اليمان، ٦/ ٥١٤، برقم ٣٤٧٧، وكتاب استتابة المرتدين، باب حدثنا عمر بن حفص، ١٢/ ٢٨٢، برقم ٦٩٢٩، وأخرجه مسلم في كتاب الجهاد، باب عزوة أحد، ٣/ ١٤١٧، برقم ١٧٩٢، وانظر: شرحه في الفتح، ٦/ ٥٢١، وشرح النووي لصحيح مسلم، ١٢/ ١٤٨. (٢) انظر: شرح النووي لمسلم، ١٢/ ١٤٨. (٣) شرح النووي على مسلم ١٢/ ١٥٠ بتصرف. (٤) البخاري مع الفتح، كتاب المغازي، باب ما أصاب النبي - صلى الله عليه وسلم - من جراح يوم أحد، ٧/ ٣٧٢، برقم ٤٠٧٣، ومسلم، كتاب الجهاد، باب: اشتداد غضب الله على من قتله رسول الله، ٣/ ١٤١٧، برقم ١٧٩٣.