الصحابة الكرام، يرشدهم بأقواله وأفعاله إلى فهم القرآن في كل نازلة تقع لهم، ولرأينا من عناية أولئك الصحابة بسنته - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - ما لا تدرك العبارة وصفه، حتى كان بعضهم يتناوبون مجلسه يومًا بعد يوم، ينزل هذا يومًا وينزل ذاك يومًا آخر، ثم يخبر كل منهما صاحبه بما سمعه من أقوال رسول الله وتوجيهاته، مخافة أن يفوت أحدهم منها شيء، بعد أن شَوَّقَهُمْ - عَلَيْهِ السَّلاَمُ - إلى العلم وأروى ظمأهم إليه بمثل قوله:«رَحِمَ اللَّهُ امْرُءًا سَمِعَ مَقَالَتِي فَأَدَّاهَا كَمَا سَمِعَهَا، فَرُبَّ مُبَلِّغٍ أَوْعَى مِنْ سَامِعٍ»(١).
لكن الصحابة لم يبلغوا جميعًا مرتبة الاجتهاد، بل تفاوتوا في علمهم بسنة الرسول وأقواله، إذ كان فيهم القروي والبدوي، والصانع والتاجر، وفيهم من صحب النبي - صَلََّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - مرة واحدة، ومن سمع منه حديثًا واحدًا.
(١) " جامع بيان العلم ": ١/ ٣٩. (٢) من أقوال الإمام السندي الحنفي، نقلها علم الدين الفُلاَّنِي في (" إيقاظ الهمم "): ص ٩٠. (مطبعة رياض الهند، سَنَةَ ١٢٩٨ هـ).٣٣٣٣