الموتة التي كتب الله عليك فقدمتها (١)، ثم خرج إلى المسجد والناس فيه، وعمر يأتي حجر من القول كما قدمنا، فرقي المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال:(أما بعد، أيها الناس (٢)، من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات، ومن كان يعبد الله فإن الله حي لا يموت) ثم قرأ {وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم، ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين}[آل عمران: ١٤٤] فخرج الناس يتلونها في سكك المدينة، كأنها لم تنزل إلا ذلك اليوم (٣). واجتمعت الأنصار في سقيفة بني ساعدة، يتشاورون ولا يدرون ما يفعلون، فقالوا: نرسل إليهم يأتوننا، فقال أبو بكر: بل نمضي (٤) إليهم، فسار إليهم المهاجرون منهم (٥) أبو بكر وعمر وأبو عبيدة، فتراجعوا (٦) الكلام، فقال بعض الأنصار: منا أمير ومنكم أمير. فقال أبو بكر كلاما كثيرا مصيبا يكثر، ويصيب منه: نحن الأمراء وأنتم [و ٩٦ أ] الوزراء، إن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال:"الأئمة من قريش"(٧)، وقال:"أوصيكم بالأنصار خيرا أن تقبلوا من محسنهم، وتتجاوزوا (٨) عن مسيئهم"(٩) وإن (١٠) الله سمانا الصادقين، وسماكم المفلحين، وقد أمركم أن تكونوا معنا حيث ما كنا فقال:{يا أيها الذين آمنوا اتقوا الله وكونوا مع الصادقين}[التوبة: ١١٩] إلى غير ذلك من الأقوال المصيبة، والأدلة القوية، فتذكرت الأنصار ذلك، وانقادت إليه، وبايعوا أبا بكر الصديق رضي الله عنه، وقال أبو بكر لأسامة: أنفذ لأمر رسول الله. فقال له (١١) عمر: كيف (١٢) ترسل هذا الجيش والعرب قد اضطربت عليك؟ فقال: لو لعبت الكلاب بخلاخيل (١٣) نساء أهل المدينة ما رددت جيشا أنفذه
(١) ب: قدمتها. (٢) د: فمن. (٣) أورده البخاري في صحيحه. (٤) ب، ز: نمشي. (٥) د: فيهم، ز: في الهامش: في نسخة فيهم (٦) د: وتراجعوا. (٧) أخرجه البخاري وأحمد والطيالسي في مسنده. (٨) ب، ج، ز: تجاوزو. (٩) أخرجه البخاري ومسلم والترمذي. (١٠) ب: إن. (١١) ب، ج، ز: - له. (١٢) د: وكيف. (١٣) د: خلاخل.