وكان يقف بالمواسم عَلَى القبائل فيقول لهم قبيلة قبيلة:"يَا بَنِي فُلَانٍ إِنِّي رَسُولُ اللهِ إِلَيْكُمْ، يأْمُرُكُمْ أَنْ تَعْبُدُوه وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا" ولا يقبلون منه، وأبو لهب خلفه يقول: لا تطيعوه. وكان -صلى الله عليه وسلم- ينادي:"مَنْ يُؤْوِينِي؟ مَنْ يَنْصُرُنِي حَتَّى أُبَلِّغَ رِسَالَةَ رَبِّي وَلَهُ الْجَنَّةُ؟ "(١) فلا يجيبه أحدٌ حتى بعث الله له الأنصارَ من المدينة فبايعوه.
هذا، وهو صابر عَلَى الدعوة إِلَى الله عز وجل عَلَى هذا الوجه راضٍ بما يحصل له فيها من الأذى، منشرح الصدر بذلك، غير متضجرٍ منه ولا جزع. كان إذا اشتكى أحدٌ من أصحابه شيئًا يقول:"إني عبد الله وأنه لن يضيعني"(٢).
(١) أخرجه عبد الله بن أحمد في زيادات المسند (٣/ ٤٩٢). ووقع في مطبوع "مسند أحمد": "أن هذا الحديث من رواية أحمد، والصواب أنه من زيادات ابنه عبد الله. وانظر "المسند الجامع" (٥/ ٤١٧). (٢) هناك بياض قدر كلمة. (٣) في "الأصل": يتعرض وبعدها بياض قدر كلمة. (٤) البخاري (٣٢٣١)، ومسلم (١٧٩٥). (٥) قرن الثعالب: هو ميقات أهل نجد تلقاء مكة. "معجم البلدان" (٤/ ٣٧٧).