وهذا خطرٌ جدًّا، وهو الغالبِ، يمنعُ خيرَ الآخرةِ وشَرَفَها وكرامَتها وعزَّها.
قال الله تعالى:{تِلْكَ الدَّارُ الْآخِرَةُ نَجْعَلُهَا لِلَّذِينَ لَا يُرِيدُونَ عُلُوًّا فِي الْأَرْضِ وَلَا فَسَادًا ... }(١) الآية.
وقلَّ مَنْ يحرصُ عَلَى رياسةِ الدُّنْيَا بطلبِ الولاياتِ فوفق؛ بل يُوكلُ إِلَى نفسهِ، كما قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- لعبد الرحمنِ بن سمرةَ:"يا عبدَ الرحمنِ، لا تسألِ الإمارةَ، فإِنَّكَ إِن أُعْطيتَهَا عن مَسألةٍ وُكّلتَ إليها، وإنْ أُعْطيتَهَا من غير مسألةٍ أُعنتَ عليها"(٢).
قال بعضُ السَّلفِ: ما حرصَ أحدٌ عَلَى ولايةٍ فعدل فيها.
وكان يزيدُ بنُ عبد الله بن وهبٍ من قضاةِ العدلِ والصَّالحين، وكان يقولُ: من أَحَبَّ المالَ والشَّرفِ وخافَ الدوائِرَ لم يعدلْ فيها.
وفي "صحيح البخاريّ"(٣) عن أبي هريرة، عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قالَ:"إِنكم سَتحرصونَ عَلَى الإمارة، وستكونُ ندامةً يوم القيامةِ، فنعم المرضعةُ، وبئستِ الفاطمة".
وفيه (٤) -أيضاً- عن أبي موسى الأشعريِّ "أنَّ رجلين قالا للنبي - صلى الله عليه وسلم -: يا رسول الله، أَمَّرنا. قال: إِنَّا لاَ نولِي أَمرَنَا هذا من سأَلَه، ولا من حرصَ عليه".