وهكذا نجد حرص الصحابة الكرام على المكوث في المدينة وعلى الصبر على لأوائها وشدتها وقد اوصى النبي - صلى الله عليه وسلم - امته انه من استطاع منهم ان يمت بالمدينة فليمت بها. يقول - صلى الله عليه وسلم - ((من استطاع منكم ان يمت بالمدينة فليمت فاني اشفع لمن يموت بها)) (٢).
وقد نتسائل ونقول: لمإذا يولي النبي - صلى الله عليه وسلم - المدينة هذه المنزلة العظيمة:؟ قد نصيب إذا قلنا انه -عليه الصلاة والسلام- اراد ان يرغب المهاجرين في سكناها وهناك بعض الوجوه لهذا:
الوجه الأول: هو محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - للمدينة وحنينه اليها لذا فانه عاد اليها بعد فتح مكة ومات بها ودفن بها -صلوات الله وسلامة عليه-.
الوجه الثاني: محبة النبي - صلى الله عليه وسلم - لاهلها "الانصار" حيث يقول: ((لولا الهجرة لكنت امرءً من الانصار)) (٣) ويقول: ((لو سلك الناس وادياً أو شعباً وسلكت الانصار وادياً أو شعباً لسلكت وادي الانصار وشعبهم)) (٤).
الوجه الثالث: هذه خصوصية زائدة على الشفاعة للمذنبين أو للعالين في القيمة وعلى شهادته على جميع الامم وقد قال - صلى الله عليه وسلم - في شهداء احد:((انا شهيد على هؤلاء فيكون لتخصيصهم بهذا كله مزيداً أو زيادة منزلة وحظوة)) (٥).
وقول النبي - صلى الله عليه وسلم - أو هل هي للتقسيم ام للشك؟ فإذا قلنا انها للشك -جدلاً- فمن الذي شك؟ النبي - صلى الله عليه وسلم - أم الرواة؟ أما القول أنه من النبي - صلى الله عليه وسلم - باطل إتفاقاً لأنه ((وما ينطق عن الهوى)) (٦).
وأما القول أنه من الراوي فهو باطل أيضاً لانه -اللفظ- جاء من عدة طرق عن عدة
(١) انظر تخريجه برقم (١٣٧). (٢) انظر تخريجه برقم (١٤٠). (٣) الحديث صحيح، جاء عن عدة صحابة، انظر مثلاً-المسند الجامع٢/ (١٥٠٧). (٤) متفق عليه، انظر مظانة في المسند الجامع١/ (٦٣٦و٦٣٧و٦٣٨و٦٣٩و٦٤٠) كلها عن انس بن مالك رضي الله عنه. (٥) شرح مسلم، النووي ٩/ ١٣٧ وانظر تحفة الاحوذي، المباركفوري ١٠/ ٤١٨. (٦) النجم/٣.