والجواب: أن المعترض يجهل أن العرب تجيز التسوية بين المذكر والمؤنث في مواضع، أهمها خمسة أوزان، وهي:(فعول) كرجل شكور وامرأة شكور، (مِفْعال) كرجل مِقدام وامرأة مِقدام، (مفِعيل) كرجل مسكين وامرأة مسكين، (مِفعَل) كرجل مغشم وامرأة مغشم، (فعيل) كرجل جريح وامرأة جريح (١).
وقوله تعالى:{قريب} على وزن (فعيل)، فيسوى فيها بين الذكر والأنثى.
ومنه قول امرئِ القيس
له الوَيْلُ إِنْ أَمْسَى ولا أُمُّ هاشمٍ ... قَريبٌ ولا البَسْباسةُ ابنةُ يَشْكُرا
ومنه قول قيس بن الخطيم:
فليت أهلي وأهل أثلة في الـ ... دار قريب من حيث نختلف
ومثله قول وضاح:
حين تنبي أن هنداً قريب ... يبلغ الحاجات منها الرسول
ومثله قول عبد الله بن الحجاج:
وأنى ترجي الوصل منها وقد نأت ... وتبخل بالموجود وهي قريب
وقد جمع بين الوجهين (بعيدة، قريب) الشاعر بقوله:
عشية لا عذراءُ منك بعيدة ... فتدنو ولا عذراءُ منك قريب (٢)
المسألة الخامسة: ضمير الجمع والإفراد
قالوا: القرآن يخلط بين المفرد والجمع، وذلك في قوله:{كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ نَاراً فَلَمَّا أَضَاءتْ مَا حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ}(البقرة: ١٧)، فصدر الآية يتحدث عن مفرد {الَّذِي اسْتَوْقَدَ}، لكنه في آخر الآية استخدم ضمير الجمع
(١) وانظر بيانه في صبح الأعشى، القلقشندي (١/ ٦١). (٢) انظر: لسان العرب، ابن منظور (١/ ٦٦٣).