ومما يجدر ذكره في هذا المقام أن اعتكاف المرأة في بيتها جائز، حيث إن اعتكافها فيه أدعى للستر لها، بخلاف تعرُّضِها في المسجد لكثرة من يراها، [وقد أطلق الإمام الشافعيُّ رحمه الله كراهة الاعتكاف للنساء في المسجد (*) ، وشَرَط الحنفية لصحة اعتكاف المرأة أن يكون في مسجد بيتها] (١٦٥) .
وقته: يكون الاعتكاف في أي وقت من أيام السنة، فقد اعتكف النبيُّ صلى الله عليه وسلم مرةً عشراً من شوال (١٦٦) ، لكنه يستحب في رمضانَ جميعه، وفي العشر الأوسط منه، ويتأكد استحبابه في العشر الأواخر منه، وذلك لمواظبته صلى الله عليه وسلم - وأزواجه من بعده - على فعل ذلك (١٦٧) ، كما يستحب أن يدخل المُعتِكف مُعتكَفه إذا صلّى الصبح، وذلك لمداومته صلى الله عليه وسلم عليه (١٦٨) ، كذلك يُنهِي اعتكافه إذا صلّى الصبح،
(١٦٤) قال ابن حجر رحمه الله: (ووجه الدلالة من الآية: أنه لو صحّ - أي: الاعتكاف - في غير المسجد لم يختص تحريم المباشرة به، لأن الجماع منافٍ للاعتكاف بالإجماع، فعُلِم من ذِكْر المساجد أن الاعتكاف لا يكون إلا فيها) . اهـ. انظر الفتح [٤/٣١٩] . هذا، وقد عنون الإمام البخاري -بما فَقِه من الآية - بقوله: (باب الاعتكاف في العشر الأواخر، والاعتكاف في المساجد كلِّها لقوله تعالى: [البَقَرَة: ١٨٧] {وَلاَ تُبَاشِرُوهُنَّ وَأَنْتُمْ عَاكِفُونَ فِي الْمَسَاجِدِ تِلْكَ حُدُودُ اللَّهِ فَلاَ تَقْرَبُوهَا كَذَلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ آيَاتِهِ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَّقُونَ} . (١٦٥) انظر: فتح الباري (٤/٣٢٣) . (*) يُشار هنا إلى أن مذهب الإمام الشافعي رحمه الله قد استقرّ - في الجديد - على أن اعتكاف المرأة لا يصح في مسجد بيتها، وهو المُعتزَل المهيأ للصلاة. انظر: منهاج الطالبين للنووي ص (٤٤) . (١٦٦) جزء من حديث عائشة رضي الله عنها المتفق عليه، أخرجه البخاري؛ كتاب: الاعتكاف، باب: اعتكاف النساء، برقم (٢٠٣٣) ، ومسلم؛ كتاب: الاعتكاف، باب: متى يدخل من أراد الاعتكاف في معتكفه، برقم (١١٧٣) . والمقصود بـ (عشراً من شوال) : العَشْر الأوَّل منه. كما جاء مبيَّناً عند مسلم رحمه الله. ولا يَرِد على ذلك لفظ البخاري عن عائشة أيضاً «حتى اعتكف في آخر العشر من شوال» ، [ويجمع بينهما بأن المراد بقوله: «آخر العشر من شوال: انتهاء اعتكافه صلى الله عليه وسلم] . اهـ. انظر الفتح لابن حجر (٤/٣٢٥) . (١٦٧) تقدم دليل ذلك مرارًا من حديث عائشة المتفق عليه. انظر تخريجه بالهامش ذي الرقم (١٤٨) . (١٦٨) جزء من حديث تقدم تخريجه بالهامش ذي الرقم (١٦٦) ، بلفظ: «فيصلِّي الصبح، ثم يدخُلُه» .