فَصْلٌ فِي مُؤَاخَاةِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم بَين الْمُهَاجِرين والانصار ليرتفق المهاجرى بالانصارى كَمَا قَالَ تَعَالَى: " وَالَّذين تبوأوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ مِنْ قَبْلِهِمْ يُحِبُّونَ مَنْ هَاجَرَ إِلَيْهِمْ وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا وَيُؤْثِرُونَ عَلَى أَنْفُسِهِمْ وَلَوْ كَانَ بِهِمْ خَصَاصَةٌ، وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ فَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ " (١) وَقَالَ تَعَالَى: " وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِن الله كَانَ على كل شئ شَهِيدا " (٢) .
قَالَ البُخَارِيّ: حَدثنَا الصَّلْت بن مُحَمَّد، حَدثنَا أَبُو أُسَامَةَ، عَنْ إِدْرِيسَ، عَنْ طَلْحَةَ بْنِ مُصَرِّفٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ " وَلكُل جعلنَا موالى " قَالَ: وَرَثَة " وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم " كَانَ الْمُهَاجِرُونَ لَمَّا قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَرِثُ الْمُهَاجِرِيُّ الانصار دُونَ ذَوِي رَحِمِهِ لِلْأُخُوَّةِ الَّتِي آخَى النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَهُمْ، فَلَمَّا نَزَلَتْ " وَلكُل جعلنَا موالى " نسخت ثمَّ قَالَ: " وَالَّذين عاقدت أَيْمَانكُم فآتوهم نصِيبهم " مِنَ (٣) النَّصْرِ وَالرِّفَادَةِ وَالنَّصِيحَةِ، وَقَدْ ذَهَبَ الْمِيرَاثُ وَيُوصَى لَهُ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: قُرِئَ عَلَى سُفْيَان: سعمت عَاصِمًا عَنْ أَنَسٍ قَالَ: حَالَفَ النَّبِيُّ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسلم بَين المهاحرين وَالْأَنْصَارِ فِي دَارِنَا.
قَالَ سُفْيَانُ: كَأَنَّهُ يَقُولُ آخَى.
* * * وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: وَآخَى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَيْنَ أَصْحَابِهِ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالْأَنْصَارِ، فَقَالَ: - فِيمَا بَلَغَنَا وَنَعُوذُ بِاللَّهِ أَنْ نَقُولَ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَقُلْ - " تأخوا فِي الله أَخَوَيْنِ أَخَوَيْنِ ".
(١) سُورَة الْحَشْر ٩.(٢) سُورَة النِّسَاء ٣٣ والقراء.(٣) البُخَارِيّ: إِلَّا النَّصْر.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute