قَالَ: إِنَّهُ اسْتَجَارَ بِي، وَهُوَ ابْنُ أُخْتِي، وَإِنْ أَنَا لَمْ أَمْنَعِ ابْنَ أُخْتِي لَمْ أَمْنَعِ ابْنَ أَخِي.
فَقَامَ أَبُو لَهَبٍ فَقَالَ: يَا مَعْشَرَ قُرَيْشٍ، وَاللَّهِ لَقَدْ أَكْثَرْتُمْ عَلَى هَذَا الشَّيْخِ، مَا تَزَالُونَ تَتَوَاثَبُونَ عَلَيْهِ فِي جِوَارِهِ مِنْ بَيْنِ قَوْمِهِ، وَاللَّهِ لَتَنْتَهُنَّ أَوْ لَنَقُومَنَّ مَعَهُ فِي كُلِّ مَا قَامَ فِيهِ حَتَّى يبلغ مَا أَرَادَ.
قَالُوا: بَلْ نَنْصَرِفُ عَمَّا تَكْرَهُ يَا أَبَا عُتْبَةَ.
وَكَانَ لَهُمْ وَلِيًّا وَنَاصِرًا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَبْقَوْا عَلَى ذَلِكَ.
فَطَمِعَ فِيهِ أَبُو طَالِبٍ حِينَ سَمِعَهُ يَقُولُ مَا يَقُولُ، وَرَجَا أَنْ يَقُومَ مَعَهُ فِي شَأْنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَقَالَ أَبُو طَالِبٍ يُحَرِّضُ أَبَا لَهَبٍ عَلَى نُصْرَتِهِ وَنُصْرَةِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنَّ امْرَءًا أَبُو عُتَيْبَةَ عَمُّهُ * لَفِي رَوْضَةٍ مَا أَنْ يُسَامُ الْمَظَالِمَا أَقُولُ لَهُ وَأَيْنَ مِنْهُ نَصِيحَتِي * أَبَا مُعْتِبٍ ثَبِّتْ سَوَادَكَ قَائِمَا وَلَا تَقْبَلَنَّ الدَّهْرَ مَا عِشْتَ خُطَّةً * تُسَبُّ بِهَا إِمَّا هَبَطْتَ الْمُوَاسِمَا وَوَلِّ سَبِيلَ الْعَجْزِ غَيْرَكَ مِنْهُمُ * فَإِنَّكَ لَمْ تُخْلَقْ عَلَى الْعَجْزِ لَازِمَا وَحَارِبْ فَإِنَّ الْحَرْبَ نِصْفٌ وَلَنْ تَرَى * أَخَا الْحَرْبِ يُعْطِي الْخَسْفَ حَتَّى يُسَالَمَا وَكَيْفَ وَلَمْ يَجْنُوا عَلَيْكَ عَظِيمَةً * وَلَمْ يَخْذُلُوكَ غَانِمًا أَوْ مُغَارِمَا جَزَى اللَّهُ عَنَّا عَبْدَ شَمْسٍ وَنَوْفَلًا * وَتَيْمًا وَمَخْزُومًا عُقُوقًا وَمَأْثَمَا بِتَفْرِيقِهِمْ مِنْ بَعْدِ وُدٍّ وَأُلْفَةٍ * جَمَاعَتَنَا كَيْمَا يَنَالُوا الْمَحَارِمَا كَذَبْتُمْ وَبَيْتِ اللَّهِ نُبْزَى (١) مُحَمَّدًا * وَلَمَّا تَرَوْا يَوْمًا لَدَى الشِّعْبِ قَائِمَا قَالَ ابْنُ هِشَامٍ: وَبَقِيَ مِنْهَا بَيت تَرَكْنَاهُ.
(١) نبزى: نسلب.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute