الْأَشْوَاطَ الثَّلَاثَةَ وَأَنْ يَمْشُوا مَا بَيْنَ الرُّكْنَيْنِ، وَلَمْ يَمْنَعْهُمْ أَنْ يَرْمُلُوا الْأَشْوَاطَ كُلَّهَا إِلَّا الْإِبْقَاءُ عَلَيْهِمْ.
وَهَذَا ثَابت فِي الصَّحِيحَيْنِ، وتصريحه بِعُذْر سَببه فِي صَحِيح مُسلم أظهر.
فَكَانَ ابْنُ عَبَّاسٍ يُنْكِرُ وُقُوعَ الرَّمَلِ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ.
وَقَدْ صَحَّ بِالنَّقْلِ الثَّابِتِ كَمَا تَقَدَّمَ، بَلْ فِيهِ زِيَادَةُ تَكْمِيلٍ الرَّمَلُ مِنَ الْحجر إِلَى الْحجر، وَلم يمش مابين الرُّكْنَيْنِ الْيَمَانِيَيْنِ لِزَوَالِ تِلْكَ الْعِلَّةِ الْمُشَارِ إِلَيْهَا وَهِيَ الضَّعْفُ.
وَقَدْ وَرَدَ فِي الْحَدِيثِ الصَّحِيحِ عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُمْ رَمَلُوا فِي عُمْرَةِ الْجِعْرَانَةِ وَاضْطَبَعُوا (١) .
وَهُوَ رَدٌّ عَلَيْهِ، فَإِنَّ عُمْرَةَ الْجِعْرَانَةِ لَمْ يَبْقَ فِي أَيَّامِهَا خَوْفٌ، لِأَنَّهَا بَعْدَ الْفَتْحِ كَمَا تَقَدَّمَ.
رَوَاهُ حَمَّادُ بْنُ سَلَمَةَ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُثْمَانَ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأَصْحَابَهُ اعْتَمَرُوا مِنَ الْجِعْرَانَةِ فَرَمَلُوا بِالْبَيْتِ وَاضْطَبَعُوا وَوَضَعُوا أَرْدِيَتَهُمْ تَحْتَ آبَاطِهِمْ وَعَلَى عَوَاتِقِهِمْ.
وَرَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ مِنْ حَدِيثِ حَمَّادٍ بِنَحْوِهِ، وَمِنْ حَدِيثِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ خُثَيْمٍ، عَنْ أَبِي الطُّفَيْلِ، عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ بِهِ.
فَأَمَّا الِاضْطِبَاعُ فِي حَجَّةِ الْوَدَاعِ فَقَدْ قَالَ قَبِيصَةُ وَالْفِرْيَابِيُّ، عَنْ سُفْيَانَ الثَّوْرِيِّ، عَنِ ابْنُ جُرَيْجٍ، عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ بْنِ شَيْبَةَ، عَن يعلى بن أُميَّة، عَن أُميَّة، قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يَطُوفُ بِالْبَيْتِ مُضْطَبِعًا.
رَوَاهُ التِّرْمِذِيُّ مِنْ حَدِيثِ الثَّوْرِيِّ، وَقَالَ: حَسَنٌ صَحِيحٌ.
(١) الاضطباع: أَن يدْخل الرِّدَاء من تَحت إبطه الايمن وَيرد طرفه على يسَاره، ويبدى مَنْكِبه الايمن ويغطى الايسر، سمى بِهِ لابداء أحد الضبعين.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute