إِلَّا أَنْ يَبْلُغَ مُسِنَّةً أَوْ جَذَعًا، وَزَعَمَ أَنَّ الْأَوْقَاصَ (١) لَا فَرِيضَةَ فِيهَا.
* * * وَهَذَا مِنْ أَفْرَادِ أَحْمَدَ، وَفِيهِ دَلَالَةٌ عَلَى أَنَّهُ قَدِمَ بَعْدَ مَصِيرِهِ إِلَى الْيَمَنِ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ لَمْ يَرَ النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَعْدَ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْحَدِيثِ.
وَقَدْ قَالَ عَبْدُ الرَّزَّاقِ: أَنْبَأَنَا مَعْمَرٌ، عَنْ الزُّهْرِيِّ، عَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبِ بْنِ مَالِكٍ، قَالَ: كَانَ مُعَاذُ بْنُ جَبَلٍ شَابًّا جَمِيلًا سَمْحًا مِنْ خَيْرِ شَبَابِ قَوْمِهِ، لَا يُسْأَلُ شَيْئًا إِلَّا أَعْطَاهُ، حَتَّى كَانَ عَلَيْهِ دَيْنٌ أَغْلَقَ مَالَهُ، فَكلم رَسُول الله فِي أَنْ يُكَلِّمَ غُرَمَاءَهُ فَفَعَلَ، فَلَمْ يَضَعُوا لَهُ شَيْئًا، فَلَوْ تُرِكَ لِأَحَدٍ بِكَلَامِ أَحَدٍ لَتُرِكَ لِمُعَاذٍ بِكَلَامِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
قَالَ: فَدَعَاهُ رَسُول الله فَلَمْ يَبْرَحْ أَنْ بَاعَ مَالَهُ وَقَسَمَهُ بَيْنَ غُرَمَائِهِ.
قَالَ: فَقَامَ مُعَاذٌ وَلَا مَالَ لَهُ.
قَالَ: فَلَمَّا حج رَسُول الله بعث معَاذًا إِلَى الْيمن، قَالَ: فَكَانَ أَوَّلَ مَنْ تَجَرَ فِي هَذَا الْمَالِ مُعَاذٌ.
قَالَ: فَقَدِمَ عَلَى أَبِي بَكْرٍ الصِّدِّيقِ مِنَ الْيَمَنِ وَقَدْ تُوُفِّيَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَجَاءَ عمر فَقَالَ: هَلْ لَكَ أَنْ تُطِيعَنِي فَتَدْفَعَ هَذَا الْمَالَ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَإِنْ أَعْطَاكَهُ فَاقْبَلْهُ؟ قَالَ: فَقَالَ معَاذ: لن (٢) أدفعه إِلَيْهِ، وَإِنَّمَا بعثنى رَسُول الله لِيَجْبُرَنِي.
فَلَمَّا أَبَى عَلَيْهِ انْطَلَقَ عُمَرُ إِلَى أَبِي بَكْرٍ، فَقَالَ: أَرْسِلْ إِلَى هَذَا الرَّجُلِ فَخُذْ مِنْهُ وَدَعْ لَهُ.
فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ: مَا كُنْتُ لِأَفْعَلَ، إِنَّمَا بَعَثَهُ رَسُولُ اللَّهِ ليجبره، فلست آخذ مِنْهُ شَيْئا.
(١) الاوقاص: مَا بَين الفريضتين فِي الزَّكَاة.(٢) الاصل: لم.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute