وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الرَّزَّاقِ، أَخْبَرَنَا مَعْمَرٌ، أَخْبَرَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ عَقِيلٍ فِي قَوْله: " الَّذين اتَّبعُوهُ فِي سَاعَة الْعسرَة ".
قَالَ: خَرَجُوا فِي غَزْوَةِ تَبُوكَ، الرَّجُلَانِ وَالثَّلَاثَةُ عَلَى بَعِيرٍ وَاحِدٍ، وَخَرَجُوا فِي حَرٍّ شَدِيدٍ فَأَصَابَهُمْ فِي يَوْمٍ عَطَشٌ حَتَّى جَعَلُوا يَنْحَرُونَ إبلهم لينفضوا أَكْرَاشَهَا وَيَشْرَبُوا مَاءَهَا، فَكَانَ ذَلِكَ عُسْرَةً فِي الْمَاءِ وَعُسْرَةً فِي النَّفَقَةِ وَعُسْرَةً فِي الظَّهْرِ (١) .
قَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ وَهْبٍ: أَخْبَرَنِي عَمْرُو بْنُ الْحَارِثِ، عَنْ سَعِيدِ بْنِ أَبِي هِلَالٍ، عَنْ عُتْبَةَ بْنِ أَبِي عُتْبَةَ، عَنْ نَافِعِ بْنِ جُبَيْرٍ، عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ، أَنَّهُ قِيلَ لِعُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ: حَدِّثْنَا عَنْ شَأْنِ سَاعَةِ الْعُسْرَةِ.
فَقَالَ عُمَرُ: خَرَجْنَا إِلَى تَبُوكَ فِي قَيْظٍ شَدِيدٍ فَنَزَلْنَا مَنْزِلًا وَأَصَابَنَا فِيهِ عَطَشٌ حَتَّى ظَنَنَّا أَنَّ رِقَابَنَا سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى إِنْ كَانَ أَحَدُنَا لَيَذْهَبُ فَيَلْتَمِسُ الرَّحْلَ فَلَا يَرْجِعُ حَتَّى يَظُنَّ أَنَّ رَقَبَتَهُ سَتَنْقَطِعُ، حَتَّى إِنَّ الرَّجُلَ لَيَنْحَرُ بَعِيرَهُ فَيَعْتَصِرُ فَرْثَهُ فَيَشْرَبُهُ ثُمَّ يَجْعَلُ مَا بَقِيَ عَلَى كَبِدِهِ، فَقَالَ أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ قَدْ عَوَّدَكَ فِي الدُّعَاءِ خَيْرًا فَادْعُ اللَّهَ لَنَا.
فَقَالَ: " أَو تحب ذَلِكَ؟ " قَالَ: نَعَمْ.
قَالَ: فَرَفَعَ يَدَيْهِ نَحْوَ السَّمَاء فَلم يرجعهما حَتَّى قَالَت السَّمَاء فأطلت (٢) ثمَّ سكبت فملاوا مَا مَعَهُمْ ثُمَّ ذَهَبْنَا نَنْظُرُ فَلَمْ نَجِدْهَا جَاوَزَتِ (٣) الْعَسْكَرَ.
إِسْنَادُهُ جَيِّدٌ وَلَمْ يُخَرِّجُوهُ مِنْ هَذَا الْوَجْهِ.
وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ إِسْحَاقَ عَنْ عَاصِمِ بْنِ عُمَرَ بْنِ قَتَادَةَ، عَنْ رِجَالٍ من قومه، أَن هَذِه الْقِصَّة كَانَتْ وَهُمْ بِالْحِجْرِ وَأَنَّهُمْ قَالُوا لِرَجُلٍ مَعَهُمْ مُنَافِق: وَيحك هَل بعد هَذَا من شئ؟ ! فَقَالَ: سَحَابَةٌ مَارَّةٌ! وَذَكَرَ إِنَّ نَاقَةَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ضَلَّتْ فَذَهَبُوا فِي طَلَبِهَا فَقَالَ رَسُولُ
اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ لِعُمَارَةَ بْنِ حَزْمٍ الْأَنْصَارِيِّ - وَكَانَ عِنْده: " إِن رجلا قَالَ: هَذَا
(١) ا: من الظّهْر.(٢) قَالَت السَّمَاء: تهيأت للمطر.وأطلت: أمْطرت مَطَرا خَفِيفا.(٣) ا: جَازَت بِهِ.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute