وَصَفوَان عودا حُزَّ مِنْ شُفْرِ اسْتِهِ * فَهَذَا أَوَانُ الْحَرْبِ شدّ عصابها (١) فَلَا تأمننا يَابْنَ أُمِّ مُجَالِدٍ * إِذَا احْتُلِبَتْ صِرْفًا وَأَعْصَلَ نَابُهَا (٢) وَلَا تَجْزَعُوا مِنْهَا فَإِنَّ سُيُوفَنَا * لَهَا وَقْعَةٌ بِالْمَوْتِ يُفْتَحُ بَابُهَا قِصَّةُ حَاطِبِ بْنِ أَبِي بَلْتَعَةَ قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ: حَدَّثَنِي مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرِ، عَنْ عُرْوَةَ بْنِ الزُّبَيْرِ وَغَيْرِهِ مِنْ عُلَمَائِنَا قَالُوا: لَمَّا أَجْمَعَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْمَسِيرَ إِلَى مَكَّةَ كَتَبَ حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ كِتَابًا إِلَى قُرَيْشٍ يُخْبِرُهُمْ بِالَّذِي أَجْمَعَ عَلَيْهِ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنَ الْأَمْرِ فِي السَّيْرِ إِلَيْهِمْ، ثُمَّ أَعْطَاهُ امْرَأَةً زَعَمَ مُحَمَّدُ بْنُ جَعْفَرٍ أَنَّهَا مِنْ مُزَيْنَةَ، وَزَعَمَ لِي غَيره أَنا سَارَةُ مَوْلَاةٌ لِبَعْضِ بَنِي عَبْدِ الْمُطَّلِبِ وَجَعَلَ لَهَا جُعْلًا عَلَى أَنْ تُبَلِّغَهُ قُرَيْشًا، فَجَعَلَتْهُ فِي رَأْسِهَا ثُمَّ فَتَلَتْ عَلَيْهِ قُرُونَهَا ثُمَّ خَرَجَتْ بِهِ.
وَأَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الْخَبَرُ مِنَ السَّمَاءِ بِمَا صَنَعَ حَاطِبٌ، فَبَعَثَ عَلِيَّ بْنَ أَبِي طَالِبٍ وَالزُّبَيْرَ بْنَ الْعَوَّامِ فَقَالَ: " أَدْرِكَا امْرَأَةً قَدْ كَتَبَ مَعَهَا حَاطِبُ بْنُ أَبِي بَلْتَعَةَ بِكِتَابٍ إِلَى قُرَيْشٍ يُحَذِّرُهُمْ مَا قَدْ أَجْمَعْنَا لَهُ مِنْ أَمرهم ".
فَخَرَجَا حَتَّى أَدْركَاهَا بِالْحُلَيْفَة حليفة بَنِي أَبِي أَحْمَدَ، فَاسْتَنْزَلَاهَا فَالْتَمَسَاهُ فِي رَحْلِهَا فَلَمْ يَجِدَا فِيهِ شَيْئًا، فَقَالَ لَهَا عَلِيٌّ: إِنِّي أَحِلِفُ بِاللَّهِ مَا كَذَبَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَلَا كُذِبْنَا، وَلَتُخْرِجِنَّ لَنَا هَذَا الْكِتَابَ أَوْ لَنَكْشِفَنَّكِ.
فَلَمَّا رَأَتِ الْجِدَّ مِنْهُ قَالَتْ: أَعْرِضْ.
فَأَعْرَضَ، فَحَلَّتْ قُرُونَ رَأْسِهَا فَاسْتَخْرَجَتِ الْكِتَابَ مِنْهَا فَدَفَعَتْهُ إِلَيْهِ، فَأَتَى بِهِ
رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ.
فَدَعَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَاطِبًا فَقَالَ: " يَا حَاطِبُ مَا حَمَلَكَ عَلَى هَذَا؟ "
(١) ابْن هِشَام: وَصَفوَان عودحن.(٢) الصّرْف: الْخَالِص.وأعصل: اعوج.يُرِيد اشتداد الْحَرْب.وَابْن أم مجَالد: عِكْرِمَة بن أَبى جهل.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute