عَنْ أَبِيهِ، أَنَّهُ سَمِعَ عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ يَقُولُ: أَمَا وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ لَوْلَا أَنْ أترك آخر النَّاس ببانا (١) لَيْسَ لَهُم شئ مَا فُتِحَتْ عَلَيَّ قَرْيَةٌ إِلَّا قَسَمْتُهَا كَمَا قَسَمَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ، وَلَكِنِّي أَتْرُكُهَا خِزَانَةً لَهُمْ يَقْتَسِمُونَهَا.
وَقَدْ رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ أَيْضًا مِنْ حَدِيثِ مَالِكٍ، وَأَبُو دَاوُدَ عَنْ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ، عَنِ ابْنِ مَهْدِيٍّ، عَنْ مَالِكٍ، عَنْ زَيْدِ بْنِ أَسْلَمَ، عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بِهِ.
وَهَذَا السِّيَاقُ يَقْتَضِي أَنَّ خَيْبَرَ بِكَمَالِهَا قُسِمَتْ بَيْنَ الْغَانِمِينَ.
وَقَدْ قَالَ أَبُو دَاوُد: حَدثنَا ابْنُ السَّرْحِ، أَنْبَأَنَا ابْنُ وَهْبٍ، أَخْبَرَنِي يُونُسُ، عَنِ ابْنِ شِهَابٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ افْتَتَحَ خَيْبَرَ عنْوَة بعد الْقِتَال وَترك من ترك من أَهلهَا بَعْدَ الْقِتَالِ.
وَبِهَذَا قَالَ الزُّهْرِيُّ: خَمَّسَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ ثُمَّ قَسَمَ سَائِرَهَا عَلَى مَنْ شَهِدَهَا.
وَفِيمَا قَالَهُ الزُّهْرِيُّ نَظَرٌ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّ خَيْبَرَ جَمِيعَهَا لم تقسم، وَإِنَّمَا قسم نصفهَا بَين النَّاس كَمَا سَيَأْتِي بَيَانُهُ.
وَقَدِ احْتَجَّ بِهَذَا مَالِكٌ وَمَنْ تَابَعَهُ عَلَى أَنَّ الْإِمَامَ مُخَيَّرٌ فِي الْأَرَاضِي الْمَغْنُومَةِ، إِنْ شَاءَ قَسَمَهَا وَإِنْ شَاءَ أَرْصَدَهَا لِمَصَالِحِ الْمُسْلِمِينَ، وَإِنْ شَاءَ قَسَمَ بَعْضَهَا وَأَرْصَدَ بَعْضَهَا لِمَا يَنُوبُهُ فِي الْحَاجَاتِ وَالْمَصَالِحِ (٢) .
قَالَ أَبُو دَاوُدَ: حَدَّثَنَا الرَّبِيعُ بْنُ سُلَيْمَانَ الْمُؤَذّن، حَدثنَا أَسد بن مُوسَى، حَدثنَا يحيى ابْن زَكَرِيَّا، حَدَّثَنِي سُفْيَانُ، عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ، عَنْ بُشَيْرِ بْنِ يَسَارٍ، عَنْ سَهْلِ بْنِ أَبِي حَثْمَةَ قَالَ: قَسَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَيْبَرَ نِصْفَيْنِ، نِصْفًا لِنَوَائِبِهِ، وَنِصْفًا بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ: قَسَمَهَا بَيْنَهُمْ عَلَى ثَمَانِيَةَ عشر سَهْما.
(١) ببانا: أَي على طَريقَة وَاحِدَة، وَهِي كلمة غير عَرَبِيَّة.(٢) ت: " إِن شَاءَ قسمهَا، وَإِن شَاءَ قسم بَعْضهَا، كَمَا فَعَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خَيْبَر،فَإِنَّهُ خمسها ثمَّ قسم نصفهَا فِي الْغَانِمين، وأرصد نصفهَا لما ينوبه فِي الْحَاجَات والمصالح ".(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute