وَكَمَنَ بِالنَّهَارِ وَأَصَابَ عَيْنًا لَهُمْ، فَأَقَرَّ لَهُ أَنه بعث إِلَى خَيْبَر يعرض عَلَيْهِم عَلَى أَنْ يَجْعَلُوا لَهُمْ تَمْرَ خَيْبَرَ.
قَالَ الْوَاقِدِيُّ رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى: وَفِي سَنَةِ سِتٍّ فِي شعْبَان كَانَتْ سَرِيَّةُ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ إِلَى دَوْمَةِ الْجَنْدَلِ وَقَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: إِنْ هُمْ أَطَاعُوا فَتَزَوَّجْ بِنْتَ مَلِكِهِمْ، فَأَسْلَمَ الْقَوْمُ وَتَزَوَّجَ عَبْدُ الرَّحْمَنِ بنت ملكهم تماضر بنت الاصبع الْكَلْبِيَّةَ، وَهِيَ أُمُّ أَبِي سَلَمَةَ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَوْفٍ * * * قَالَ الْوَاقِدِيُّ: فِي شَوَّالٍ سَنَةَ سِتٍّ كَانَتْ سَرِيَّةُ كُرْزِ بْنِ جَابِرٍ الْفِهْرِيِّ إِلَى الْعُرَنِيِّينَ الَّذِينَ قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا النَّعَمَ، فَبُعِثَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي آثَارِهِمْ كُرْزَ بْنَ جَابِرٍ فِي عِشْرِينَ فَارِسًا فردوهم.
وَكَانَ مِنْ أَمْرِهِمْ مَا أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ وَمُسْلِمٌ، مِنْ طَرِيقِ سَعِيدِ بْنِ أَبِي عَرُوبَةَ، عَنْ قَتَادَةَ، عَنِ أَنَسِ بْنِ مَالِكٍ، أَنَّ رَهْطًا مِنْ عُكْلٍ وَعُرَيْنَةَ - وَفِي رِوَايَةٍ: مِنْ عُكْلٍ أَوْ عُرَيْنَةَ - أَتَوْا رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَقَالُوا: يَا رَسُولَ اللَّهِ إِنَّا أُنَاسٌ أَهْلُ ضَرْعٍ، وَلَمْ نَكُنْ أَهْلَ رِيفٍ فَاسْتَوْخَمْنَا الْمَدِينَةَ.
فَأَمَرَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَوْدٍ (١) وَرَاعٍ، وَأَمَرَهُمْ أَنْ يَخْرُجُوا فِيهِ فَيَشْرَبُوا مِنْ أَلْبَانِهَا وَأَبْوَالِهَا، فَانْطَلَقُوا حَتَّى إِذَا
كَانُوا بِنَاحِيَة الْحَرَّةِ قَتَلُوا رَاعِيَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاسْتَاقُوا الذَّوْدَ وَكَفَرُوا بَعْدَ إِسْلَامِهِمْ، فَبَعَثَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي طَلَبِهِمْ، فَأَمَرَ بِهِمْ فَقَطَعَ أَيْدِيَهُمْ وَأَرْجُلَهُمْ وَسَمَرَ (٢) أَعينهم وتركهم فِي الْحَرَّةِ حَتَّى مَاتُوا وَهُمْ كَذَلِكَ.
قَالَ قَتَادَةُ: فَبَلَغَنَا أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ كَانَ إِذَا خَطَبَ بَعْدَ ذَلِكَ حَضَّ على الصَّدَقَة وَنهى عَن الْمثلَة.
(١) الذود: القطيع من الابل بَين الثَّلَاث إِلَى الْعشْر.(٢) سمر: فَقَأَ.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute