قَالَ: غَزْونَا مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَوْمًا مِنَ جُهَيْنَةَ، فَقَاتَلُوا قِتَالًا شَدِيدًا، فَلَمَّا أَنْ صَلَّى الظَّهْرَ قَالَ الْمُشْرِكُونَ: لَوْ مِلْنَا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً لَاقْتَطَعْنَاهُمْ.
فَأَخْبَرَ جِبْرِيلُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِذَلِكَ، وَذَكَرَ لَنَا رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: " وَقَالُوا: إِنَّهُ سَتَأْتِيهِمْ صَلَاةٌ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنَ الْأَوْلَادِ " فَذَكَرَ الْحَدِيثَ كَنَحْوِ مَا تَقَدَّمَ.
وَقَالَ أَبُو دَاوُدَ الطَّيَالِسِيُّ: حَدَّثَنَا هِشَامٌ، عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ قَالَ: " صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِأَصْحَابِهِ الظَّهْرَ بِنَخْلٍ، فَهَمَّ بِهِ الْمُشْرِكُونَ ثُمَّ قَالُوا: دَعُوهُمْ فَإِنَّ لَهُمْ صَلَاةً بَعْدَ هَذِهِ الصَّلَاةِ هِيَ أَحَبُّ إِلَيْهِمْ مِنْ أَبْنَائِهِمْ.
قَالَ: فَنَزَلَ جِبْرِيلُ عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فَأَخْبَرَهُ، فَصَلَّى بِأَصْحَابِهِ صَلَاة الْعَصْر، فصفهم صفّين بَين أَيْديهم رَسُول الله وَالْعَدُوُّ بَيْنَ يَدَيْ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فَكَبَّرَ وَكَبَّرُوا جَمِيعًا وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثمَّ سجد الَّذين يَلُونَهُمْ وَالْآخرُونَ
قيام، فَلَمَّا رفعوا رؤوسهم سَجَدَ الْآخَرُونَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ هَؤُلَاءِ وَتَأَخَّرَ هَؤُلَاءِ، فَكَبَّرُوا جَمِيعًا وَرَكَعُوا جَمِيعًا، ثُمَّ سَجَدَ الَّذِينَ يلونه وَالْآخرُونَ قيام، فَلَمَّا رفعوا رؤوسهم سَجَدَ الْآخَرُونَ.
وَقَدِ اسْتَشْهَدَ الْبُخَارِيُّ فِي صَحِيحِهِ بِرِوَايَةِ هِشَامٍ هَذِهِ عَنْ أَبِي الزُّبَيْرِ، عَنْ جَابِرٍ.
وَقَالَ الْإِمَامُ أَحْمَدُ: حَدَّثَنَا عَبْدُ الصَّمَدِ، حَدَّثَنَا سَعِيدُ بْنُ عُبَيْدٍ الْهُنَائِيُّ (١) ، حَدَّثَنَا عَبْدُ اللَّهِ بْنُ شَقِيقٍ، حَدَّثَنَا أَبُو هُرَيْرَةَ، أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسلم نزل بَيْنَ ضَجَنَانَ وَعُسْفَانَ، فَقَالَ الْمُشْرِكُونَ: إِنَّ لِهَؤُلَاءِ صَلَاة هِيَ أحب إِلَيْهِم من أبنائهم وأبكارهم وَهِيَ الْعَصْرُ، فَاجْمَعُوا أَمْرَكُمْ فَمِيلُوا عَلَيْهِمْ مَيْلَةً وَاحِدَةً.
وَإِنَّ جِبْرِيلَ أَتَى رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَأمره أَن يُقيم أَصْحَابه شطرين فيصلى
(١) الهنائى: نِسْبَة إِلَى هناءة بن مَالك بن فهم بن غنم بن دوس، بطن من الازد.اللّبَاب ٣ / ٢٩٤.(*)
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute