أَيْ لَا تَنْقُصُ مِنْ حَسَنَاتِهَا، وَلَا (١) تُعَاقَبُ بِغَيْرِ سَيِّئَاتِهَا، فَدَلَّ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ ظُلْمٌ يُنَزَّهُ اللَّهُ عَنْهُ.
وَقَالَ تَعَالَى: {قَالَ لَا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ - مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} [سُورَةُ ق: ٢٨ - ٢٩] ، وَإِنَّمَا نَزَّهَ نَفْسَهُ عَنْ أَمْرٍ يَقْدِرُ عَلَيْهِ لَا عَنِ الْمُمْتَنِعِ (٢) لِنَفْسِهِ.
وَمِثْلُ هَذَا فِي الْقُرْآنِ فِي غَيْرِ مَوْضِعٍ مِمَّا يُبَيِّنُ أَنَّ اللَّهَ يَنْتَصِفُ مِنَ الْعِبَادِ، وَيَقْضِي بَيْنَهُمْ بِالْعَدْلِ، وَأَنَّ الْقَضَاءَ بَيْنَهُمْ بِغَيْرِ الْعَدْلِ ظُلْمٌ يُنَزَّهُ (٣) اللَّهُ عَنْهُ، وَأَنَّهُ لَا يَحْمِلُ عَلَى أَحَدٍ ذَنْبَ غَيْرِهِ.
وَقَالَ تَعَالَى: (٤) {وَلَا تَزِرُ وَازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرَى} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ١٦٤] ، فَإِنَّ ذَلِكَ يُنَزَّهُ اللَّهَ عَنْهُ، بَلْ لِكُلِّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ، [وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ] (٥) .
وَقَدْ ثَبَتَ فِي الصَّحِيحِ عَنِ النَّبِيِّ - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - «أَنَّ اللَّهَ [تَعَالَى] (٦) يَقُولُ: (يَا عِبَادِي إِنِّي حَرَّمْتُ الظُّلْمَ عَلَى نَفْسِي، وَجَعَلْتُهُ بَيْنَكُمْ مُحَرَّمًا، فَلَا تَظَالَمُوا» .) (٧) ، فَقَدْ حَرَّمَ عَلَى نَفْسِهِ الظُّلْمَ، كَمَا كَتَبَ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ فِي قَوْلِهِ: {كَتَبَ رَبُّكُمْ عَلَى نَفْسِهِ الرَّحْمَةَ} [سُورَةُ الْأَنْعَامِ: ٥٤] .
(١) أ، ب: فَلَا.(٢) ن، م: مُمْتَنِعٍ.(٣) أ، ب: يَتَنَزَّهُ.(٤) وَقَالَ تَعَالَى: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) ، (م) .(٥) وَعَلَيْهَا مَا اكْتَسَبَتْ: سَاقِطَةٌ مِنْ (ن) فَقَطْ.(٦) تَعَالَى: زِيَادَةٌ فِي (أ) ، (ب) .(٧) سَيَرِدُ هَذَا الْحَدِيثُ بَعْدَ قَلِيلٍ، فَانْظُرْ كَلَامِي عَلَيْهِ هُنَاكَ إِنْ شَاءَ اللَّهُ.
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute