للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>
مسار الصفحة الحالية:

وهي الإيمان بالله وحده وامتثال أوامره وتجنب نواهيه، ولم يقل: كل كذبوا الرسل، وقال: كل كذب؛ لأنهم لم يكونوا مجتمعين معاً، وكان كل قوم على حدة، وفي أزمان مختلفة.

﴿فَحَقَّ وَعِيدِ﴾: الفاء للتوكيد، حق: وجب وحل وعيد: بنزول العذاب بمن كذبوا رسلهم.

وإذا قارنا هذه الآية (١٤) من سورة (ق) وهي قوله: ﴿كُلٌّ كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ وَعِيدِ﴾ والآية (١٤) من سورة (ص) وهي قوله: ﴿إِنْ كُلٌّ إِلَّا كَذَّبَ الرُّسُلَ فَحَقَّ عِقَابِ﴾، العقاب أشد من الوعيد فالمخاطبون في حق عقاب أشد كفراً وعصياناً وإنذاراً من المخاطبين في حق وعيد، وإذا كان المخاطبون في الآيتين هم كفار قريش، فيدل على أنّ آية (ق) جاءت بالوعيد، فلما ازداد كفرهم وعصيانهم نزلت آية (ص) حق عقاب، وهذا يدل على أن سورة (ق) نزلت قبل سورة (ص)، ولو نظرنا في ترتيب نزول السور لوجدنا أن سورة (ق) ترتيبها في النزول (٣٤) وسورة (ص) ترتيبها في النزول (٣٨).

سورة ق [٥٠: ١٥]

﴿أَفَعَيِينَا بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ بَلْ هُمْ فِى لَبْسٍ مِّنْ خَلْقٍ جَدِيدٍ﴾:

﴿أَفَعَيِينَا﴾: الهمزة للاستفهام التّوبيخي لمنكري البعث والحساب، أفعيينا من الإعياء، أي: العجز وهو انقطاع أو ضعف القوة.

﴿بِالْخَلْقِ الْأَوَّلِ﴾: أفعجزنا عن بدء الخلق حتّى نعجز عن إعادته. وما دمنا لم نعيَ في بدء الخلق، فلن نعيى في إعادة الخلق، بل هو أهون علينا، كما قال تعالى: ﴿وَهُوَ الَّذِى يَبْدَؤُا الْخَلْقَ ثُمَّ يُعِيدُهُ وَهُوَ أَهْوَنُ عَلَيْهِ﴾ [الروم: ٢٧].

﴿بَلْ هُمْ﴾: بل: للإضراب الإبطالي، أيْ: لم نعيَ أو ما عيينا بالخلق الأوّل:

<<  <  ج: ص:  >  >>