المناسبة: ومن أظلم من هؤلاء الّذين فسقوا ثمّ ذكّروا بآيات ربهم مرة بعد أخرى، فاستمروا على فسقهم وإعراضهم رغم الزّمن الطويل الّذي أُعطوه ليتوبوا.
﴿وَمَنْ﴾: الواو استئنافية، من استفهامية.
﴿أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ﴾: جاء الخبر في هذه الآية بصورة الاستفهام؛ لتأكيد الكلام، وكأنّ المخبر بالخبر يدعو المستمع إلى الإقرار ليقيم عليه الحجة ولم يأت بالجواب. ليقول أو يقر المستمع: لا أحد أظلم ممن فعل ذلك، أو ليس هناك أظلم من هذا الإنسان الّذي ذكّر بآيات ربه بالوعظ والإنذار والتّبليغ أو سمع آيات الله تتلى عليه (القرآنية) أو شاهد الآيات الكونية ثمّ أعرض عنها.
﴿ثُمَّ أَعْرَضَ عَنْهَا﴾: ثمّ للترتيب والتّراخي في الزّمن، وعن تفيد المجاوزة والابتعاد، ولم يقل فأعرض عنها كما ورد في سورة الكهف الآية (٥٧): ﴿وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ ذُكِّرَ بِآيَاتِ رَبِّهِ فَأَعْرَضَ عَنْهَا وَنَسِىَ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ﴾، الفاء: تدل على الترتيب والمباشرة فالإعراض في سورة السّجدة وقع بعد فاصل زمني بين التّذكير وحدوث الإعراض؛ أي: عدم التّصديق والرّفض، بينما الإعراض في سورة الكهف وقع مباشرة عقب التّذكير؛ لأنّ الّذين ذكّروا بآيات ربهم في قلوبهم أكنّة وفي آذانهم وقرٌ فلذلك أعرضوا مباشرة، فالإعراض في آية الكهف أسرع من الإعراض في سورة السّجدة.
فالمذكورون في آية السّجدة هم الّذين فسقوا وذكّروا بآيات ربهم فاستمروا