﴿لَهِىَ الْحَيَوَانُ﴾: اسم لكلّ ما فيه حياة، والحيوان على وزن: فعلان مثل فيضان، مثل غليان، ففعلان تدل على الحركة والاضطراب والتّقلب وعدم الهدوء، لهي الحيوان: أي الدار الآخرة هي دار حركة وتقلب شديد وتغير، وليس فيها نوم وسكون مقارنة بالحياة الدّنيا.
فالحياة الدّنيا بالنّسبة للدار الآخرة تعتبر سكوناً وهموداً رغم ما فيها من حركة، والدّار الآخرة تعني الجنة، ففيها الحركة الحقيقية والتّقلب والحياة الدّائمة الّتي لا انقطاع فيها ولا موت.
﴿لَوْ كَانُوا يَعْلَمُونَ﴾: لو شرطية، لو كانوا يعلمون: العلم النّافع، ما جعلوا الحياة الدّنيا لهواً ولعباً وخسروا الآخرة وهي الحيوان؛ أي: الدّار الحقيقية، ولو كانوا يعلمون: قد تعني هم علموا ولكنهم نسوا وتجاهلوا، أو أنكروا ذلك.
وإذا قارنّا هذه الآية (٦٤) من سور ة العنكبوت: ﴿وَمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا إِلَّا لَهْوٌ وَلَعِبٌ﴾ مع الآية (٧٠) من سورة الأنعام: ﴿وَذَرِ الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَعِبًا وَلَهْوًا﴾ ومع الآية (٥١) من سورة الأعراف: ﴿الَّذِينَ اتَّخَذُوا دِينَهُمْ لَهْوًا وَلَعِبًا وَغَرَّتْهُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا﴾:
فآية سورة العنكبوت تبيّن لنا طبيعة الإنسان الّذي يتّخذ هذه الحياة أو يحوّلها إلى لهوٍ ولعب ولا يقوم بواجباته، وأمّا آية سورة الأنعام تتحدث عن الّذين اتخذوا دينهم لعباً ولهواً، وهؤلاء النّاس هم الآن في الدّنيا (الآية في سياق الدّنيا).
وأمّا آية سورة الأعراف تتحدث عن الّذين هم في الآخرة (في سياق الآخرة) الّذين اتخذوا دينهم لهواً ولعباً وغرّتهم الحياة الدّنيا عندما كانوا في الدّنيا. فكل آية لها معنى مغاير للأخرى، وحين نتدبّر القرآن نجد أن الحق سبحانه يذكر اللعب أولاً ثمّ اللهو، وهو الأمر الطّبيعي فحياة الطّفولة هي لعب ثمّ ينتقل إلى