فقالوا لي: ألا تزور قبور الخلفاء -يعنون بني عبيد-؟
فرحت معهم إلى قبورهم، فوجدت قبورهم إلى القطب الشمالي.
فتكلم عليهم وعلى مذاهبهم.
[وكان بالبلد جماعة كثيرون يظنون بالعبيديين أنهم أولياء الله تعالى صالحون]
[فلما ذكرت لهم أن هؤلاء كانوا منافقين زنادقة، وخيار من فيهم الرافضة جعلوا يتعجبون ويقولون]: نحن نعتقد أن هؤلاء قوم صالحون، لأنّا إذا مغلت (١) عندنا الخيل نجيء بها إلى قبور هؤلاء فتبرأ، فلولا أنهم صالحون ما برأت الدواب من المغل عند قبورهم.
[فقلت لهم: هذا من أعظم الأدلة على كفرهم] وهو حجة أيضا على صحة ما أقوله فيهم.
[وطلبت من طائفة من سياس الخيل (٢)، فقلت: أنتم بالشام ومصر إذا أصاب الخيل المغل أين تذهبون بهم؟
فقالوا: في الشام يذهب بها إلى قبور اليهود والنصارى، وإذا كنا في أرض
(١) المغل: وجع أو داء في البطن، ومغلت الدابة إذا أكلت التراب مع البقل فأخذها وجع في بطنها. انظر: القاموس المحيط (ص: ١٠٥٨)، المعجم الوسيط (٢/ ٨٨٦). (٢) سياس الخيل: هم مؤدبوها ومروضوها والقائمون عليها. قال الفراهيدي في العين (٧/ ٣٣٦): «يسوس الدّوابَّ سياسهً، يقوم عليها ويروضها». وقال الأزهري في تهذيب اللغة (١٣/ ٩١) «يقال: هو يسوس الدواب: إذا قام عليها وراضها».