المقارن؛ أي: الصاحب والخليل، والمعنى: مَن قَبِلَ من الشيطان في الدنيا فقد قارنه؛ أي: أن الحامل لأولئك المتكبرين على ما ذكر هو وسوسة الشيطان التي عبر عنها في آية البقرة بقوله: {الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُمْ بِالْفَحْشَاءِ}[٢: ٢٦٨] ، فبيَّن أن هؤلاء قرناء الشيطان"١.
ومن سورة المائدة في قوله تعالى:{يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَوْفُوا بِالْعُقُودِ أُحِلَّتْ لَكُمْ بَهِيمَةُ الْأَنْعَامِ إِلَّا مَا يُتْلَى عَلَيْكُمْ} ٢، قال: "إلا ما يُتلى عليكم مما حرم؛ أي: يقرأ عليكم في القرآن والسنة من قوله تعالى: {حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَة} ٣ الآية، من هذه السورة، وقوله عليه الصلاة والسلام:"وكل ذي ناب من السباع حرام"، وهو الذي استثناه"٣.
ومن سورة الأنعام في قوله تعالى عن نبيه محمد صلى الله عليه وسلم:{وَكَذَلِكَ نُصَرِّفُ الْآياتِ وَلِيَقُولُوا دَرَسْتَ وَلِنُبَيِّنَهُ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} ٤، قال: "أي: قرأت الكتب، وقيل:"دارست" أي: دارست أهل الكتاب وتعلمت منهم، رُوي هذا عن ابن عباس، وأولى القراءات بالصواب عند الطبري قراءة مَن قرأ:"وليقولوا درست" بتأويل قرأت وتعلمت؛ لأن المشركين كذلك كانوا يقولون للنبي صلى الله عليه وسلم وقد أخبر الله عن قيلهم ذلك بقوله:{وَلَقَدْ نَعْلَمُ أَنَّهُمْ يَقُولُونَ إِنَّمَا يُعَلِّمُهُ بَشَرٌ لِسَانُ الَّذِي يُلْحِدُونَ إِلَيْهِ أَعْجَمِيٌّ وَهَذَا لِسَانٌ عَرَبِيٌّ مُبِينٌ}[النحل: ١٠٣] فهذا خبر من الله ينبئ عنهم أنهم كانوا يقولون: إنما يتعلم محمد ما يأتيكم به من غيره"٥.
هذه بعض الأمثلة على تفسيره القرآن بالقرآن أصح طرق التفسير بالمأثور؛ بل أصح طرق التفسير على الإطلاق.
١ الموجز في تفسير القرآن الكريم: محمد رشدي حمادي ج٢ ص٥٨. ٢ سورة المائدة: الآية الأولى. ٣ المرجع السابق: ج٢ ص٢٣٤. ٤ سورة الأنعام: الآية ١٠٥. ٥ المرجع السابق: ج٢ ص٤٩٨.