ومع ذلك، فلنحذر أن نخلط هنا فكرتين متميزتين تميزًا تامًّا، وإن كانتا متصلتين من بعض الجوانب:"الأقل كمالًا" و"الناقص"، فغالبًا ما ينزلق الفكر تلقائيًّا من إحدى هاتين الفكرتين إلى الأخرى، ويمضي هكذا إلى حد أن يسيء تقدير رجل كامل، بمقارنته برجل أكثر كمالًا.
ولقد اعتنى رسول الإسلام -صلى الله عليه وسلم- بتنبيهنا إلى هذا الموقف إزاء رسل الله، وتحذيرنا منه، فقال:"لا تخيِّروني على موسى" ٤, وإذا كان القرآن
١ ن: ٤. ٢ البقرة: ٢٥٣. ٣ الإسراء: ٥٥. ٤ انظر البخاري، كتاب الخصومات, باب ١، وفي حديث آخر: "لا تخيروا بين الأنبياء، فإن الناس يصعقون يوم القيامة فأكون أول من تنشقُّ عنه الأرض، فإذا أنا بموسى آخذ بقائمة من قوائم العرش، فلا أدري أكان فيمن صعق، أم حوسب بصعقته الأولى". وهذا الحديث أوضح بيانًا, وأقل التباسًا من سابقه، في التعبير عن مناط النهي عن التخيير. "المعرب".