فإذا تركنا ميادين السياسة، وانتقلنا إلى الميادين الأخرى، وجدنا الشعر قد خاض كل معاركها النضالية وأبلى أحسن البلاء، فأسهم في قضايا وحدة المجتمع وإنهاضه وتحريره، وشارك في قضايا التعليم ونشره وتمصيره، كما ساند غير هذه، وتلك من قضايا مصر في ذلك الحين٣، فيوم أطلت الفتنة برأسها كالأفعى، تحاول أن تفرق وحدة الأمة حين قتل بطرس غالي، واتخذ الاحتلال وأذنابه من قتل مسيحي بيد مسلم منفذًا لبث سموم التفرقة بين المصريين؛ حينذاك انبرى الشعراء يعملون على تنقية الجو من السموم، ويناضلون من أجل جمع الشمل ووحدة الصف، وفي ذلك يقول علي الغاياتي:
وما أمة القرآن في مصر أمة ... ترى أمة الإنجيل أبغض جيلًا
فإنّا وأنتم إخوة في بلادنا ... أقمنا على دين السلام طويلًا٤
ويقول إسماعيل صبري:
دين عيسى فيكم ودين أخيه ... أحمدٍ، يأمراننا بالإخاء
مصر أنتم ونحن، إلا إذا قا ... مت بتفريقنا دواعي الشقاء٥
١ ديوان حافظ جـ٢ ص٤٢. ٢ الشوقيات جـ١ ص٢٦. ٣ الاتجاهات الوطنية جـ١ ص٢٢٣، وما بعدها. ٤ وطنيتي ص١١٣. ٥ ديوان إسماعيل صبري ص١٨٠.