للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

صاحب البحر؛ فسوى بين أنا محرم غدًا أو أحرمت كإحرام زيد، ثم قال صاحب البحر: "وعلى هذا قال أصحابنا: لو قال أحرمت يوما أو يومين، صح وانعقد مطلقا كالطلاق، ولو قال: أحرمت بنصف نسك انعقد كامل كما لو قال: أنت طالق بنصف طلقة".

ونقل النووي هذا في "شرح المهذب"، وقال: "إن فيه نظرًا، وأنه ينبغي ألا ينعقد؛ لأن الحج من باب العبادات، والنية الجازمة من شرطها، بخلاف الطلاق، لبنائه على الغلبة والسراية وقبول [الأخطار] ١ والتعليق". فإن قلت -معترضا على النووي- لو كان كما ادعيت من أنه لا بد فيه من نية جازمة، لما قبل التعليق، وقد قال الأصحاب: بأنه يقبله، وأنت من جملتهم إذا صححت قول المرء: "أحرمت كإحرام زيد"، وسميته تعليق الإحرام، وبذلك صرح صاحب التتمة؛ حيث قال: "إذا صح تعليقه بإحرام الغير صح تعليقه بالشرط كالإطلاق"٢.

قلت: لا مخلص عن هذا الاعتراض إلا بما قال الشيخ الإمام من أنه لا تعليق في قولنا: أحرمت كإحرام زيد وقضية هذا [أن] ٣ لا يصح قوله: أحرمت بنصف نسك- وإليه أشار النووي، وقول الروياني -إنه يصح- جاز على أصله من أن -أحرمت كإحرام زيد- تعليق، والقاعدة أن ما قبل التعليق بصح إضافته إلى بعض محله.

قال الأصحاب: ولا يستثنى من هذه القاعدة إلا مسألة واحدة، وهي: الإيلاء يقبل التعليق -مع كونه لا يصح إضافته إلى بعض ذلك المحل إلا الفرج٤.

قال القاضي شرف الدين البارزي٥: والوصية يصح تعليقها ولا يصح أن تضاف إلى المحل.

قلت: وثالثة: وهي التدبير يصح تعليقه؛ بل لا يكون إلا كذلك، ولو قال: دبرت يدك أو رجلك لم يصح -على أحد الوجهين.

وأما القاعدة الثانية: وهي أن ما لا يقبل التعليق لا تصح إضافته إلى بعض ذلك المحل كالنكاح والرجعة؛ فيستثنى منها مسائل:

منها: الكفالة لا يصح تعليقها ويصح إضافتها إلى بعض المحل على الأصح فيهما [وينعكس على وجه] ٦ فيما لو اتحد العامل.


١ في "ب" الاحتكار.
٢ في "ب" الإطلاق.
٣ سقط في "ب".
٤ في ب "للفرج".
٥ في ب زيادة "وثانية وهي".
٦ سقط في "ب".