وقال الشيخ محمد الأمين الشنقيطي رحمه الله:"وقد دلَّ استقراء القرآن العظيم على أنَّ توحيد الله ينقسم إلى ثلاثة أقسام:
الأول: توحيده في ربوبيته، وهذا النوع من التوحيد جبلت عليه فِطَرُ العقلاء، قال تعالى:{وَلَئِنْ سَأَلْتَهُم مَّنْ خَلَقَهُمْ لَيَقُولُنَّ اللهُ ... } ١، وقال:{قُلْ مَن يَّرْزُقُكُم مِّنَ السَّمَآءِ وَالأَرْضِ أَمَّن يَّمْلِكُ السَّمْعَ وَالأَبْصَارَ وَمَن يُّخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَمَن يُّدَبِّرُ الأَمْرَ فَسَيَقُولُونَ اللهُ فَقُلْ أَفَلاَ تَتَّقُونَ} ٢. وإنكار فرعون لهذا النوع من التوحيد في قوله:{قَالَ فِرْعَونُ وَمَا رَبُّ الْعَالَمِينَ} ٣ تجاهلٌ من عارفٍ أنَّه عبدٌ مربوبٌ؛ بدليل قوله تعالى:{قَالَ لَقَدْ عَلِمْتَ مَا أَنزَلَ هَؤُلآءِ إِلاَّ رَبُّ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ بَصَائِرَ ... } ٤ الآية، وقوله:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنفُسُهُمْ ظُلْماً وَعُلُوّاً} ٥، وهذا النوع من التوحيد لا ينفع إلا بإخلاص العبادة لله؛ كما قال تعالى:{وَمَا يُؤْمِنُ أَكْثَرُهُمْ بِاللهِ إِلاَّ وَهُمْ مُشْرِكُونَ} ٦، والآيات الدالة على ذلك كثيرة جداً.
الثاني: توحيده جلَّ وعلا في عبادته. وضابط هذا النوع من التوحيد هو تحقيق معنى "لا إله إلا الله" وهي متركبة من نفي وإثبات؛ فمعنى النفي منها: خلع جميع أنواع المعبودات غير الله كائنة ما كانت في جميع أنواع العبادات كائنة ما كانت. ومعنى الإثبات منها: إفراد الله جلَّ وعلا وحده بجميع أنواع
١ سورة الزخرف، الآية ٨٧. ٢ سورة يونس، الآية ٣١. ٣ سورة الشعراء، الآية ٢٣. ٤ سورة الإسراء، الآية ١٠٢. ٥ سورة النمل، الآية ١٤. ٦ سورة يوسف، الآية ١٠٦.