بأكمله، ولا يخفى ـ في هذا الشأن ـ المكانة المرموقة التي تبوّأتها جدليات يوحنا الدمشقي، الذي امتُدح بأنه لم يأت برأي أصيل إلا في الإسلام (١) ، وجدليات بولس الأنطاكى التي تلقتها الأوساط التنصيرية بالتقدير لما تمتاز به في نظرهم من ألفاظ جيدة وآراء سديدة صائبة وبراهين واستدلالات وحجج جلية (٢) ، إلى حد دعوة بعضهم إلى الاكتفاء بها في بيان موقف النصرانية من الإسلام (٣) .
وكذلك جدل عبد المسيح الكندي في رسالته الشهيرة التي أصبحت عمدة العمل التنصيري في مجال الإرساليات (٤) .
٢ ـ عقم الجدل الذي تمثله تلك المرحلة، إذ إن المجادلين على اختلاف مشاربهم لم يزيدوا على تكرار الشبهات الجدلية لمشركي مكة، بعد أن قاموا بإحلال رموز يهودية ـ نصرانية محل رموز المشركين في الدعاوى التالية:
الدعوى الأولى: القرآن قول شاعر بإلهام شيطان الشعر، حيث كان العرب يتوهمون أن لكل شاعر شيطاناً من الجن يقول الشعر على لسانه (٥) ، وهذا ما نفاه الله عن القرآن في قوله تعالى: {وَمَا هُوَ بِقَوْلِ
(١) بابا دوبولس، تاريخ كنيسة أنطاكية، ص ٥٢٨، منشورات النور، بيروت ١٩٨٤م. ـ لويس غرديه ـ جورج قنواتي، فلسفة الفكر الديني (٢ / ٤٣) دار العلم للملايين، ط١، بيروت ١٩٦٧م. (٢) لويس شيخو، مقالات دينية قديمة، ص ١، مرجع سابق. (٣) ابن العسال، الصحائح في جواب النصائح، ص ٤٠، القاهرة سنة ١٦٤٣ قبطية. (٤) أ. ل شاتيله، الغارة على العالم الإسلامي، ص ٣٠ / مرجع سابق. (٥) د. حسن طبل، حول الإعجاز البلاغي للقرآن، ص ١١٣، مكتبة الإيمان، ط١، مصر ١٤٢٠هـ ـ ١٩٩٩م.