بمعترك ضيق ترى كسر القنا … به والنسور الطخم يعكفن كالشرب (٣)
كأن مجال (٤) الخيل في حجراته … ومعمعة الابطال معركة الحرب
أليس أبونا هاشم شد أزره … وأوصى بنيه بالطعان وبالضرب
ولسنا نمل الحرب حتى تملنا … ولا نشتكي ما قد ينوب من النكب
ولكننا أهل الحفائظ والنهى … إذا طار أرواح الكماة عن الرعب
قال ابن إسحاق: فأقاموا على ذلك سنتين أو ثلاثا حتى جهدوا ولم يصل إليهم شئ إلا سرا مستخفيا به من أراد صلتهم من قريش، وقد كان أبو جهل بن هشام - فيما يذكرون - لقي حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد، معه غلام يحمل قمحا يريد به عمته خديجة بنت خويلد، وهي عند رسول الله ﷺ في الشعب فتعلق به وقال: أتذهب بالطعام إلى بني هاشم؟ والله لا تذهب أنت وطعامك حتى أفضحك بمكة، فجاءه أبو البختري بن هاشم (٥) بن الحارث بن أسد. فقال: مالك وله. فقال: يحمل الطعام إلى بني هاشم، فقال له أبو البختري: طعام كان لعمته عنده بعثت به إليه أتمنعه أن يأتيها بطعامها؟ خل سبيل الرجل، قال: فأبى أبو جهل - لعنه الله - حتى نال أحدهما من صاحبه، فأخذ أبو البختري لحى بعير فضربه فشجه ووطئه وطئا شديدا، وحمزة بن عبد المطلب قريب يرى ذلك، وهم يكرهون أن يبلغ ذلك رسول الله ﷺ وأصحابه، فيشمتون بهم ورسول الله ﷺ على ذلك يدعو قومه ليلا ونهارا وسرا وجهارا مناديا بأمر الله تعالى لا يتقي فيه أحدا من الناس.
(١) راغية السقب: من هو الرغاء، وهو أصوات الإبل. والسقب: ولد الناقة، وأراد به هنا ولده ناقة صالح ﵇. (٢) أترت: قطعت. القساسية سيوف تنسب إلى قساس وهو جبل لبني أسد فيه معدن الحديد. (٣) النسور الطخم: ذات الرؤوس السود. (٤) من ابن هشام، وفي الأصل ونسخ البداية المطبوعة وبعض نسخ ابن هشام: ضحال ولا معنى لها. (٥) من ابن هشام وابن سعد، وفي الأصل: هشام وهو تحريف.