ثنا جعفر وسليمان (١) ثنا أبو عمران الجوني، حدثنا المعلى بن زياد عن الحسن البصري. قال: انطلق النبي ﷺ وأبو بكر إلى الغار. وجاءت قريش يطلبون النبي ﷺ، وكانوا إذا رأوا على باب الغار نسج العنكبوت قالوا: لم يدخل أحد، وكان النبي ﷺ قائما يصلي وأبو بكر يرتقب، فقال أبو بكر للنبي ﷺ: هؤلاء قومك يطلبونك، أما والله ما على نفسي أئل (٢) ولكن مخافة أن أرى فيك ما أكره. فقال له النبي ﷺ:" يا أبا بكر لا تخف إن الله معنا " وهذا مرسل عن الحسن، وهو حسن بحاله من الشاهد، وفيه زيادة صلاة النبي ﷺ في الغار. وقد كان ﵇ إذا أحزنه أمر صلى وروى هذا الرجل - أعني أبو بكر أحمد بن علي القاضي -[عن] عمرو الناقد عن خلف بن تميم عن موسى بن مطر عن أبيه عن أبي هريرة أن أبا بكر. قال لابنه: يا بني إذا حدث في الناس حدث فأت الغار الذي اختبأت فيه أنا ورسول الله ﷺ فكن فيه فإنه سيأتيك رزقك فيه بكرة وعشيا.
وقد نظم بعضهم هذا في شعره حيث يقول:
نسج داود ما حمى صاحب الغار … وكان الفخار للعنكبوت
وقد ورد أن حمامتين عششتا على بابه أيضا، وقد نظم ذلك الصرصري في شعره حيث يقول:
فغمى عليه العنكبوت بنسجه … وظل على الباب الحمام يبيض
والحديث بذلك رواه الحافظ ابن عساكر من طريق يحيى بن محمد بن صاعد: حدثنا عمرو بن علي، ثنا عون بن عمرو أبو عمرو القيسي - ويلقب بعوين (٣) - حدثني أبو مصعب المكي. قال: أدركت زيد بن أرقم والمغيرة بن شعبة وأنس بن مالك، يذكرون أن النبي ﷺ ليلة الغار أمر الله شجرة فخرجت في وجه النبي ﷺ تستره (٤)، وأن الله بعث العنكبوت فنسجت ما بينهما فسترت وجه رسول الله ﷺ وأمر الله حمامتين وحشيتين فأقبلتا يدفان حتى وقعتا بين العنكبوت وبين الشجرة وأقبلت فتيان قريش من كل بطن منهم رجل، معهم عصيهم وقسيهم وهراواتهم، حتى إذا كانوا من رسول الله ﷺ قدر مائتي ذراع قال الدليل - وهو سراقة بن مالك بن جعشم المدلجي - هذا الحجر ثم لا أدري أين وضع رجله. فقال الفتيان: أنت لم تخطئ منذ الليلة.
(١) لعله جعفر بن سليمان الضبعي. (٢) آل المريض: حن ورفع صوته عند ابتلائه بالمصيبة. (٣) الأصل: عوين. (٤) في رواية قاسم بن ثابت بن حزم العوفي السرقسطي، حيث ألف كتابا في شرح الحديث سماه الدلائل وجاء فيه: هذا على ما ذكره السهيلي في الروض الآنف ٢/ ٤: أن رسول الله ﷺ لما دخل الغار، وأبو بكر معه أنبت الله على بابه الراءة، وهي شجرة معروفة، فحجبت عن النار أعين الكفار. والراءة شجرة مثل قامة الانسان ولها خيطان وزهر أبيض كالريش.