بيان كيفية الرد عليهم إذا سلموا وهو قول: وعليكم، غير أن ابن القيم نبه على مسألة في قوله:" فلو تحقق السامع أن الذمي قال له: " السلام عليكم " لا شك فيه، فهل له أن يقول: وعليك السلام، أو يقتصر على قوله: " وعليك "؟ فالذي تقتضيه الأدلة الشرعية وقواعد الشريعة أن يقال له: وعليك السلام، فإن هذا من باب العدل، والله يأمر بالعدل والإحسان وقد قال تعالى:{وَإِذَا حُيِّيتُمْ بِتَحِيَّةٍ فَحَيُّوا بِأَحْسَنَ مِنْهَا أَوْ رُدُّوهَا}(١) فندب إلى الفضل، وأوجب العدل.
ولا ينافي هذا شيئا من أحاديث الباب بوجه ما، فإنه - صلى الله عليه وسلم - إنما أمر بالاقتصار على قول الراد " وعليكم " بناء على السبب المذكور الذي كانوا يعتمدونه في تحيتهم، وأشار إليه في حديث عائشة رضي الله عنها فقال «ألا ترينني قلت: وعليكم، لما قالوا السام عليكم؟ (٢)» ثم قال: «إذا سلم عليكم أهل الكتاب فقولوا: وعليكم (٣)» والاعتبار وإن كان لعموم اللفظ فإنما يعتبر عمومه في نظير المذكور، لا فيما يخالفه.
قال تعالى:{وَإِذَا جَاءُوكَ حَيَّوْكَ بِمَا لَمْ يُحَيِّكَ بِهِ اللَّهُ وَيَقُولُونَ فِي أَنْفُسِهِمْ لَوْلَا يُعَذِّبُنَا اللَّهُ بِمَا نَقُولُ}(٤) فإذا زال هذا السبب وقال الكتابي: سلام عليكم ورحمة الله، فالعدل في التحية يقتضي أن يرد عليه نظير سلامه. وبالله التوفيق " (٥).
(١) سورة النساء الآية ٨٦ (٢) صحيح البخاري الأدب (٦٠٣٠)، صحيح مسلم السلام (٢١٦٥). (٣) صحيح البخاري استتابة المرتدين والمعاندين وقتالهم (٦٩٢٦)، صحيح مسلم السلام (٢١٦٣)، مسند أحمد (٣/ ٢١٨). (٤) سورة المجادلة الآية ٨ (٥) أحكام أهل الذمة (١/ ٦٧).