وقال ابن عباس أيضا وقتادة: وذلك أن تلويه فوق الجبين، وتشده ثم تعطفه على الأنف، وإن ظهرت عيناها، لكنه يستر الصدر ومعظم الوجه).
وقوله تعالى:{ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ}(١) أي على الجملة بالفرق، حتى لا يختلطن بالإماء، فإذا عرفن لم يقابلن بأذى من المعارضة، مراقبة لرتبة الحرية، وليس المعنى: أن تعرف المرأة، حتى يعلم من هي. وكان عمر إذا رأى أمة قد تقنعت ضربها بالدرة، محافظة على زي الحرائر (٢).
والآية الثانية في الأمر بالحجاب قول الله تعالى:{وَإِذَا سَأَلْتُمُوهُنَّ مَتَاعًا فَاسْأَلُوهُنَّ مِنْ وَرَاءِ حِجَابٍ ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ}(٣).
يقول الشيخ الشنقيطي في تفسيره:(إن من أنواع البيان التي تضمنها هذا الكتاب المبارك أن يقول بعض العلماء في الآية قولا، وتكون في نفس الآية قرينة تدل على عدم صحة القول، وفي هذه قلنا: إن قول كثير من الناس: إن آية الحجاب هذه، خاصة بأزواج النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تعليله تعالى لهذا الحكم، الذي هو إيجاب الحجاب بكونه أطهر لقلوب الرجال والنساء من الريبة، في قوله تعالى:{ذَلِكُمْ أَطْهَرُ لِقُلُوبِكُمْ وَقُلُوبِهِنَّ} (٤) قرينة واضحة على إرادة تعميم
(١) سورة الأحزاب الآية ٥٩ (٢) تفسير ابن عطية: المسمى: المحرر الوجيز في تفسير الكتاب العزيز ج١٣ ص ٩٩ - ١٠٠. (٣) سورة الأحزاب الآية ٥٣ (٤) سورة الأحزاب الآية ٥٣