قال القرطبي:(قرأ عمر رضي الله عنه هذه الآية {إِنَّمَا الصَّدَقَاتُ لِلْفُقَرَاءِ} (١) فقال هذه لهؤلاء. ثم قرأ {وَاعْلَمُوا أَنَّمَا غَنِمْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَّ لِلَّهِ خُمُسَهُ}(٢) فقال هذه لهؤلاء ثم قرأ {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ}(٣) حتى بلغ {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}(٤){وَالَّذِينَ تَبَوَّءُوا الدَّارَ وَالْإِيمَانَ}(٥){وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}(٦) ثم قال: لئن عشت ليأتين الراعي وهو بسرو حمير (٧) نصيبه منها لم يعرق فيها جبينه. وقيل: إنه دعا المهاجرين والأنصار واستشارهم فيما فتح الله عليه من ذلك وقال لهم: تثبتوا الأمر وتدبروه ثم اغدوا علي. ففكر في ليلته فتبين له أن هذه الآيات في ذلك أنزلت، فلما غدوا عليه قال: قد مررت البارحة بالآيات التي في سورة الحشر وتلا {مَا أَفَاءَ اللَّهُ عَلَى رَسُولِهِ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى}(٨) إلى قوله: {لِلْفُقَرَاءِ الْمُهَاجِرِينَ}(٩) فلما بلغ قوله {أُولَئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ}(١٠) قال: ما هي لهؤلاء فقط وتلا قوله {وَالَّذِينَ جَاءُوا مِنْ بَعْدِهِمْ}(١١) إلى قوله: {رَءُوفٌ رَحِيمٌ}(١٢) ثم قال: ما بقي أحد من أهل الإسلام إلا وقد دخل في ذلك) (١٣).
السادسة: أن عمر بن الخطاب رضي الله عنه حمى أرضا بالربذة لنعم الصدقة. وقد ثبت في صحيح البخاري أنه قال لمولاه وكان يدعى هنيا: (يا هني اضمم جناحك عن المسلمين واتق دعوة المظلوم فإن دعوة المظلوم مستجابة
(١) سورة التوبة الآية ٦٠ (٢) سورة الأنفال الآية ٤١ (٣) سورة الحشر الآية ٧ (٤) سورة الحشر الآية ٨ (٥) سورة الحشر الآية ٩ (٦) سورة الحشر الآية ١٠ (٧) منازل حمير بأرض اليمن (٨) سورة الحشر الآية ٧ (٩) سورة الحشر الآية ٨ (١٠) سورة الحشر الآية ٨ (١١) سورة الحشر الآية ١٠ (١٢) سورة الحشر الآية ١٠ (١٣) القرطبي ٨/ ٢٢ ـ وانظر ٨/ ٤.