رسوله فيعطلون أسماءه وصفاته العليا، ويحرفون الكلم عن مواضعه، ويلحدون في أسماء الله وآياته.
فإذا عرفت هذا فإنا نثبت لله اليد كما أثبتها لنفسه، كما قال تعالى:{وَقَالَتِ الْيَهُودُ يَدُ اللَّهِ مَغْلُولَةٌ غُلَّتْ أَيْدِيهِمْ وَلُعِنُوا بِمَا قَالُوا بَلْ يَدَاهُ مَبْسُوطَتَانِ يُنْفِقُ كَيْفَ يَشَاءُ}[المائدة:٦٤] ، وقال تعالى:{يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَنْ تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ}[صّ:٧٥] ، وقال تعالى:{يَدُ اللَّهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}[الفتح:١٠] ، وقال تعالى:{وَالسَّمَاوَاتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ}[الزمر:٦٧] ، إلى غير ذلك من الآيات.
ونثبت أن لله وجهاً كما قال تعالى:{كُلُّ شَيْءٍ هَالِكٌ إِلَّا وَجْهَهُ}[القصص:٨٨] ، وقوله:{وَيَبْقَى وَجْهُ رَبِّكَ ذُو الْجَلالِ وَالْأِكْرَامِ}[الرحمن:٢٧] ، وقوله:{فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} ١ [البقرة:١١٥] ، إلى غير ذلك من الآيات.
١ قال شيخ الإسلام ابن تيمية في المناظرة عن الواسطية: " ... قلت هذه الآية ليست من آيات الصفات أصلاً، ولا تندرج في عموم قول من يقول: لا تؤول آيات الصفات. قال –أي أحد المناظرين-: أليس فيها ذكر الوجه؟ فلما قلت: المراد بها قبلة الله. قال –أي المناظر-: أليست هذه من آيات الصفات؟ قلت: لا، ليست من موارد النزاع، فإني إنما أسلم أن المراد بالوجه هنا القبلة، فإن الوجه هو الجهة في لغة العرب، يقال: قصدت هذا الوجه، وسافرت إلى هذا الوجه أي: إلى هذه الجهة. وهذا كثير مشهور، فالوجه هو الجهة. وهو الوجه كما في قوله تعالى: {وَلِكُلٍّ وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} أي متوليها. فقوله تعالى: {وِجْهَةٌ هُوَ مُوَلِّيهَا} كقوله: {فَأَيْنَمَا تُوَلُّوا فَثَمَّ وَجْهُ اللَّهِ} كلا الآيتين في اللفظ والمعنى متقاربتان، وكلاهما في شأن القبلة، والوجه والجهة هو الذي ذكر في الآيتين: أنا نوليه: نستقبله ... ثم قرر شيخ الإسلام هذا بكلام حسن، فانظره في الفتاوى جـ ٦/١٥، ١٦، ١٧. وجـ ٢/٤٢٨، ٤٢٩.