للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة
<<  <  ص:  >  >>

الإسلام بهذا الضلال، فكان من الحكمة إبعاد المسلمين عنها حماية للتوحيد من أن يدخل عليه شيء من ضلالات الشرك. فلما استقر التوحيد في قلوب المسلمين، وانزاحت معالم الشرك من نفوسهم، أباح النبي صلى الله عليه وسلم زيارة القبور كما يقول صلى الله عليه وسلم " كنت قد نهيتكم عن زيارة القبور، ألا فزوروها؛ فإنها تذكر بالموت " ١.فإذا جاء الشيخ محمد بن عبد الوهاب، ينهى عن زيارة القبور، وقد عاد المسلمون إلى ما كان عليه أهل الجاهلية من التعبد للمقبورين، والتمسح بالأضرحة والاستشفاع بالراقدين تحت ترابها - كان لابد أن يرجع بالمسلمين إلى عهدهم الأول بالإسلام حتى لا تدخل عليهم ضلالات الشرك من تلك القبور التي كانوا يتعبدون لها. فإذا تمكن الإيمان ورسخ التوحيد في قلوبهم، كانت زيارة القبور مشروعة؛ لأنها تذكر بالموت ولا تطل منها في تلك الحال أشباح الأوثان التي كانوا يتعبدون لها، وتكون زيارة القبور هنا لكل موتى المسلمين لا للأولياء والصالحين وأصحاب القباب والأضرحة ٢.أما التوسل والاستشفاع بغير الله فهو من الشرك الصريح بالله. يقول الإمام الشوكاني - رضي الله تعالى عنه - في التوسل بأصحاب القبور الشائع بين الناس، وذلك عند تفسيره لقوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَابْتَغُوا إِلَيْهِ الْوَسِيلَةَ وَجَاهِدُوا فِي سَبِيلِهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ} ٣.يقول الإمام الشوكاني في تفسيره لهذه الآية الكريمة: "قد أكثر الناس من دعاء غير الله تعالى من الأولياء والأحياء والأموات مثل يا سيدي


١ مسلم: الجنائز ٩٧٧ والأضاحي ١٩٧٧ , والنسائي: الجنائز ٢٠٣٢ والضحايا ٤٤٢٩ والأشربة ٥٦٥٢ , وأبو داود: الجنائز ٣٢٣٥ والأشربة ٣٦٩٨ , وأحمد ٥/٣٥٥.
٢ هذا هو رأي الباحث, والمعروف أن الشيخ إنما نهى عن زيارة القبور الشركية.
٣ سورة المائدة آية: ٣٥.

<<  <   >  >>