إذا عرفت هذا فإن أشكل عليك كون الدعاء عبادة فاطلب الأدلة على ذلك من القرآن الكريم١، فإن لم يكفك – لا كفاك الله – فاطلبها من السنة، فإن لم تكفك فقد تم خسرانك.
قال تعالى:{قُلْ إِنِّي نُهِيتُ أَنْ أَعْبُدَ الَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ}[الأنعام - ٥٦] في سورة الأنعام والمؤمن، وقال تعالى:{لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ}[الرعد - ١٤] الآية. وهذه الآية في دعاء المسألة دلت على أنه مختص بالله دون من سواه، لأن تقديم المعمول يفيد الحصر، ثم قال:{وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ}[الرعد - ١٤] بين أن دعاء غيره لا يحصل لداعيه غرضه، وهذا جنس الشرك في الإلهية.
وفي حديث أنس الذي في السنن والمسانيد مرفوعا:"الدعاء مخ العبادة "٢ وفي السنن مرفوعا في حديث النعمان بن بشير: "الدعاء هو العبادة" ثم تلا: {وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ} .
وتقرير هذا في كتاب الله تعالى: فإن الله سبحانه وتعالى أمر عباده بدعائه ورغبهم فيه، ووعدهم الإجابة فقال تعالى: {وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ
١ سقطت: "الكريم" من الطبعة الثانية. ٢ حديث أنس رواه الترمذي في سننه، وسنده ضعيف، ويغني عنه حديث النعمان بن بشير بعده، وهو حديث صحيح الإسناد، وقد تقدم الكلام عليهما.