٢- ومن أوضح ما يثبت أنّ السنّة وحي ما أثر عن حسّان بن عطيّة أحد ثقات التابعين الشاميّين قوله:"كان جبريل ينزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسنّة كما ينزل عليه بالقرآن"(١) وفي رواية إضافة قوله: "ويعلّمه إيّاها كما يعلّمه القرآن"(٢) ، يؤيّد هذا ما رواه البخاريّ في صحيحه بسنده إلى عمر بن الخطّاب رضي الله عنه قال سمعت النبيّ بوادي العقيق يقول:"أتاني الليلة آت من ربّي فقال: صلّ في هذا الوادي المبارك، وقل عمرة في حجّة"(٣) . ومن هذا القبيل قوله:"إنّ الروح الأمين نفث في روعي أنّه لن تموت نفس حتّى تستوفي رزقها، فاتّقوا الله وأجملوا في الطلب"(٤) .
فهذه الأحاديث صريحة في أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم يتلقّى السنّة من الله سواء كان ذلك بوحي جليّ بواسطة جبريل وفي حال اليقظة، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"أتاني آت"، أو بوحي خفيّ أي بإلهام أو نفث في الروع أو بالرؤيا في المنام، مثل قوله صلى الله عليه وسلم:"إنّ الروح الأمين نفث في روعي"، وهي تصدّق قول التابعيّ الجليل حسّان بن عطيّة:"إنّ جبريل كان ينزل على النبيّ صلى الله عليه وسلم بالسنّة كما ينزل عليه بالقرآن" وهي واضحة الدلالة على أن السنّة وحي
(١) فتح الباري ١٣/٣٠٥ - سنن الدارميّ - المقدّمة - باب السنّة قاضية على كتاب الله ١/١١٧ حديث ٥٩٤. (٢) تحفة الأشراف ١٣/ ١٦١ الحديث ١٨٤٩٠. (٣) صحيح البخاريّ - الحجّ - باب قول النبيّ صلى الله عليه وسلم: "العقيق واد مبارك" - فتح الباري ٣/٤٥٨ حديث ١٥٣٤. والاعتصام - باب ما ذكر النبيّ وحضّ على اتفاق أهل العلم - فتح الباري١٣/٣١٥ حديث ٧٣٢٢. سنن أبي داود - مناسك - باب في الإقران ٢/٣٩٤ حديث ١٨٠٠ - سنن ابن ماجه - المناسك - باب التمتّع بالعمرة إلى الحجّ ٢/٩٩١ حديث ٢٩٧٦. (٤) محاضرات في علوم الحديث - مصطفى أمين التازيّ ١/٩٩ (ط٣ -١٣٩١هـ /١٩٧١م - مطبعة دار التأليف بمصر) . ونحوه في سنن ابن ماجه [بدون ذكر: إنّ الروح الأمين نفث في روعي]- التجارات- باب الاقتصاد في طلب المعيشة٢/٧٢٥ حديث ٢١٤٤.