وغلَّط الخطَّابي من رواه بإسكان الباء وهو الغالط، وقد بيَّنا معناه. قال: وكان النبي - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ - معصومًا من الشيطان، حتى من الموكل به بشرط استعاذته منه، كما غفر له بشرط استغفاره. قال: وكان يخص الاستعاذة في هذا الموضع لوجهين:
أحدهما: أنه خلاء وللشيطان -بعادة الله وقَدَرِه- في الخلاء تسلط ليس له في الملإ. قال - صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ -: " الراكب شيطان، والراكبان شيطانان (١) ، والثلاثة ركب "(٢) .
الثاني: أنه موضع قذِر يُنَزَّه ذكر الله -عز وجل- عن الجريان فيه على اللسان، فيغتنم الشيطان عدم ذكر الله (٣) ، فإنَّ ذِكْرَه يَطْرُده، فلجأ إلى الاستعاذة قبل ذلك ليعقدها عصمة بينه وبين الشيطان حتى يخرج، وليُعَلِّمَ (٤) أمته " (٥)[انتهى](٦) .
وقال النووي: " لا يصح إنكارُ الخطابي جوازَ الإسكان "فإنه جائز على سبيل التخفيف بلا خلاف ككُتْبٍ، ورُسْلٍ، وعُنْقٍ، وأُذْنٍ، ولعلَّ الخطابي أراد الإنكار على من يقول: أصله الإسكان، وقد صرَّح جماعة من أهل المعرفة بأن الباء هنا ساكنة، منهم: أبو عُبيد إمامُ هذا
(١) في (ك) : "شيطانًا". (٢) رواه أبو داود في كتاب الجهاد، باب في الرجل يسافر وحده (٢/٤٢) رقم (٢٦٠٧) ، ورواه الترمذي في الجامع أبواب فضائل الجهاد، باب ما جاء في كراهية أن يسافر الرجل وحده (٣/٣٠١) ، والنسائي في الكبرى، كتاب السير، النهي عن سير الراكب وحده (٨/١٢٩) رقم (٨٧٩٨) ، ومالك رقم (١٨٩٧) ، وأحمد رقم (٦٧٤٥) . (٣) " عن الجريان على اللسان فيغتنم عدم ذكر الله " ساقطة من (ك) . (٤) في (ك) : " ويعلم ". (٥) عارضة الأحوذي (١/٢١) . (٦) "انتهى" ساقطة من الأصل، ومثبتة في (ك، ش) .