فالذين فرقوا دينهم وكانوا شيعاً هم الكفار، كما في قوله تعالى:{وَلا تَكُونُوا كَالَّذِينَ تَفَرَّقُوا وَاخْتَلَفُوا مِنْ بَعْدِ مَا جَاءَهُمُ الْبَيِّنَاتُ وَأُولَئِكَ لَهُمْ عَذَابٌ عَظِيمٌ} ٢.
ويدخل في هذه الآية: كل من فارق دين الله وكان مخالفاً له، كأهل الملل والنحل والأهواء والضلالات، وقد برأ الله تعالى الرسول صلى الله عليه وسلم مما هم فيه. فقوله:{لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} يقتضي تبرؤه منهم في جميع الأشياء٣.
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في ذلك: ومن تابع غيره في بعض أموره، فهو منه في ذلك الأمر؛ لأن قول القائل: أنا من هذا، وهذا مني. أي أنا من نوعه وهو من نوعي؛ لأن الشخصين لا يتحدان بالنوع، كما في قوله تعالى:{بَعْضُكُمْ مِنْ بَعْضٍ} ٤. وقوله عليه الصلاة والسلام:"أنت مني وأنا منك" ٥.
فقول القائل: لست من هذا في شيء، أي لست مشاركاً له في شيء، بل أنا متبرئ من جميع أموره.
١ سورة الأنعام، آية (١٥٩) . ٢ سورة آل عمران، آية (١٠٥) . ٣ انظر: تفسير البغوي (٢/١٤٥) ، وتفسير ابن كثير (٢/١٩٦) ، وفتح القدير للشوكاني (٢/١٨٣) . ٤ سورة آل عمران، آية (١٩٥) . ٥ صحيح البخاري مع فتح الباري، كتاب الصلح باب، كيف يكتب الصلح (٥/٣٠٣-٣٠٤) ، حديث (٣٦٩٩) .