رسله من كلماته التي لا مبدل لها. كما قال في أوليائه:{لَهُمُ الْبُشْرَى فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الْآخِرَةِ لا تَبْدِيلَ لِكَلِمَاتِ اللَّهِ} فإنه ذكر أنه لا خوف عليهم ولا هم يحزنون, وأن لهم البشرى في الحياة الدنيا وفي الآخرة. فوعدهم بنفي المخافة والحزن, وبالبشرى في الدارين.
وقال بعد ذلك:{لا مبدل لكلمات الله} فكان في هذا تحقيق كلام الله الذي هو وعده, كما قال:{فَلا تَحْسَبَنَّ اللَّهَ مُخْلِفَ وَعْدِهِ رُسُلَهُ} ١. وقال:{وَعْدَ اللَّهِ لا يُخْلِفُ اللَّهُ وَعْدَهُ وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ} ٢. وقال المؤمنون:{رَبَّنَا وَآتِنَا مَا وَعَدْتَنَا عَلَى رُسُلِكَ وَلا تُخْزِنَا يَوْمَ الْقِيَامَةِ إِنَّكَ لا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ} ٣ فإخلاف ميعاده تبديل لكماته.
يبين ذلك قوله تعالى:{قَالَ لا تَخْتَصِمُوا لَدَيَّ وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ, مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ وَمَا أَنَا بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ} ٤ فأخبر سبحانه أنه قدم إليهم بالوعيد, وقال:{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} وهذا يقتضي أنه صادق في وعيده أيضا وأن وعيده لا يبدل.
وهذا مما احتج به القائلون بأن فساق الملة لا يخرجون من النار وقد تكلمنا عليهم ف يغير هذا الموضع, لكن هذه الآية تضعف جواب من يقول: إن إخلاف الوعيد جائز, فإن قوله:{مَا يُبَدَّلُ الْقَوْلُ لَدَيَّ} بعد قوله {وَقَدْ قَدَّمْتُ إِلَيْكُمْ بِالْوَعِيدِ} دليل على أن وعيده لا يبدل, كما لا يبدل وعده.
لكن التحقيق الجمع بين نصوص الوعد والوعيد وتفسير بعضها ببعض من غير