سَرِيعًا فَظَنَنْتُ أَنَّهُ بَشَّرَ رَسُولَ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِقُدُومِنَا، فَكَانَ مَا ظَنَنْتُ وَأَنَخْنَا بِالْحَرَّةِ، فَلَبِسْنَا مِنْ صَالِحٍ ثِيَابًا، وَنُودِيَ بِالْعَصْرِ، فَانْطَلَقْنَا حَتَّى اطَّلَعْنَا عَلَيْهِ وَإِنَّ لِوَجْهِهِ تَهَلُّلًا وَالْمُسْلِمُونَ حَوْلَهُ قَدْ سُرُّوا بِإِسْلَامِنَا وَتَقَدَّمَ خَالِدُ بْنُ الْوَلِيدِ فَبَايَعَ، ثُمَّ تَقَدَّمَ عُثْمَانُ بْنُ طَلْحَةَ فبايع، ثم تقدمت فو الله مَا هُوَ إِلَّا أَنْ جَلَسْتُ بَيْنَ يَدَيْهِ فَمَا اسْتَطَعْتُ أَنْ أَرْفَعَ طَرْفِي [إِلَيْهِ] حَيَاءً مِنْهُ فَبَايَعْتُهُ عَلَى أَنْ يُغْفَرَ لِي مَا تَقَدَّمَ مِنْ ذَنْبِي وَلَمْ يَحْضُرْنِي مَا تَأَخَّرَ،
فَقَالَ: إِنَّ الْإِسْلَامَ يَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهُ، وَالْهِجْرَةُ تَجُبُّ مَا كَانَ قَبْلَهَا،
فو الله مَا عَدَلَ بِي رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وَسَلَّمَ وَبِخَالِدِ بْنِ الْوَلِيدِ أَحَدًا مِنْ أَصْحَابِهِ فِي أَمْرِ حزبه مُنْذُ أَسْلَمْنَا [ (٧) ] وَلَقَدْ كُنَّا عِنْدَ أَبِي بَكْرِ بِتِلْكَ الْمَنْزِلَةِ، وَلَقَدْ كُنْتُ عِنْدَ عُمَرَ بِتِلْكَ الْحَالِ، وَكَانَ عُمَرُ عَلَى خَالِدٍ كَالْعَاتِبِ.
قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ بْنُ جَعْفَرٍ: فَذَكَرْتُ هَذَا الْحَدِيثَ لِيَزِيدَ بْنِ أَبِي حَبِيبٍ، فَقَالَ: أَخْبَرَنِي رَاشِدٌ مَوْلَى حَبِيبِ بْنِ أَبِي أُوَيْسٍ الثَّقَفِيِّ، عَنْ حَبِيبٍ، عَنْ عَمْرٍو نَحْوَ ذَلِكَ.
قَالَ عَبْدُ الْحَمِيدِ: فَقُلْتُ لِيَزِيدَ فَلَمْ يُوَقِّتْ لَكَ مَتَى قَدِمَ عَمْرٌو وَخَالِدٌ، قَالَ: لَا، إِلَّا أَنَّهُ قَالَ: قَبْلَ الْفَتْحِ، قُلْتُ: إِنَّ أبي أخبرني أن عمروا وَخَالِدًا وَعُثْمَانَ بْنَ طَلْحَةَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ لِهِلَالِ صَفَرٍ سَنَةَ ثَمَانٍ [ (٨) ] .
وَأَخْبَرَنَا أَبُو عَبْدِ اللهِ الْحَافِظُ، وأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ الْحَسَنِ الْقَاضِي قَالَا:
حَدَّثَنَا أَبُو الْعَبَّاسِ مُحَمَّدُ بْنُ يَعْقُوبَ، قَالَ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْجَبَّارِ، قَالَ:
حَدَّثَنَا يُونُسُ بْنُ بُكَيْرٍ، عَنِ ابْنِ إِسْحَاقَ، قَالَ: حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ أَبِي حَبِيبٍ، عَنْ رَاشِدٍ مَوْلَى حَبِيبٍ، عَنْ حَبِيبِ بْنِ أَبِي أَوْسٍ، قَالَ: حَدَّثَنَا عَمْرُو بْنُ الْعَاصِ قَالَ: لَمَّا انْصَرَفْنَا مِنَ الْخَنْدَقِ جَمَعْتُ رِجَالًا مِنْ قُرَيْشٍ فَقُلْتُ: والله إني لا أرى
[ (٧) ] في (أ) : «أسلمت» .[ (٨) ] الخبر في مغازي الواقدي (٢: ٧٤١- ٧٤٥) ، ونقله ابن كثير في التاريخ (٤: ٢٣٦) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute