بَقِيَ إِلَى الْإِسْلَامِ، وَلَقَدْ كَانَتِ الصَّلَاةُ تَحْضُرُ يَوْمَئِذٍ فَيُصَلِّي بِأَصْحَابِهِ، ثُمَّ يَعُودُ فَيَدْعُوهُمْ إِلَى اللهِ وَرَسُولِهِ، فَقَاتَلَهُمْ حَتَّى أَمْسَوْا، وَغَدَا عَلَيْهِمْ فَلَمْ تَرْتَفِعِ الشَّمْسُ قِيدَ رُمْحٍ حَتَّى أَعْطَوْا بِأَيْدِيهِمْ وَفَتَحَهَا عَنْوَةً، وَغَنَّمَهُ الله أموالهم وأصابوا إناثا وَمَتَاعًا كَثِيرًا.
فَأَقَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِوَادِي الْقُرَى أَرْبَعَةَ أَيَّامٍ، وَقَسَمَ مَا أَصَابَ عَلَى أَصْحَابِهِ بِوَادِي الْقُرَى وَتَرَكَ الْأَرْضَ وَالنَّخْلَ بِأَيْدِي يَهُودَ، وَعَامَلَهُمْ عَلَيْهَا فَلَمَّا بَلَغَ يَهُودُ تَيْمَاءَ مَا وَطِئَ بِهِ رَسُولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم وَفَدَكَ وَوَادِيَ الْقُرَى، صَالَحُوا رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عَلَى الْجِزْيَةِ، وأقاموا بِأَيْدِيهِمْ بِأَمْوَالِهِمْ.
فَلَمَّا كَانَ عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَخْرَجَ يَهُودَ خَيْبَرَ وَفَدَكَ، وَلَمْ يُخْرِجْ أَهْلَ تَيْمَاءَ وَوَادِي الْقُرَى، لِأَنَّهُمَا دَاخِلَتَانِ فِي أَرْضِ الشَّامِ، وَيَرَى أَنَّ مَا دُونَ وَادِي الْقُرَى إِلَى الْمَدِينَةِ حِجَازٌ، وَأَنَّ مَا وَرَاءَ ذَلِكَ مِنَ الشَّامِ.
فَانْصَرَفَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَاجِعًا بَعْدَ أَنْ فَرَغَ مِنْ خَيْبَرَ، وَمِنْ وَرَاءِ وَادِي الْقُرَى وَغَنَّمَهُ اللهُ [ (٦) ] .
قَالَ الْوَاقِدِيُّ: حَدَّثَنِي يَعْقُوبُ بْنُ مُحَمَّدٍ، عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَبْدِ اللهِ بْنِ صَعْصَعَةَ، عَنِ الْحَارِثِ، عَنْ عَبْدِ اللهِ بْنِ كَعْبٍ، عَنْ أُمِّ عُمَارَةَ، قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم بِالْجُرْفِ وَهُوَ يَقُولُ لَا تَطْرُقُوا النِّسَاءَ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ،
قَالَتْ:
فَذَهَبَ رَجُلٌ مِنَ الْحَيِّ فَطَرَقَ أَهْلَهُ فَوَجَدَ مَا يَكْرَهُ، فَخَلَّى سَبِيلَهَا وَلَمْ يَهِجْهُ [ (٧) ] وَضَنَّ بِزَوْجَتِهِ أَنْ يُفَارِقَهَا وَكَانَ لَهُ مِنْهَا أَوْلَادٌ وَكَانَ يُحِبُّهَا فَعَصَى رَسُولَ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وسلم فرأى ما يكره [ (٨) ] .
[ (٦) ] رواه الواقدي في المغازي (٢: ٧٠٩- ٧١١) ، ونقله ابن كثير (٤: ٢١٢) .[ (٧) ] اي لم يزعجه وينفره.[ (٨) ] مغازي الواقدي (٢: ٧١١- ٧١٢) .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute