قَالَتْ ثُمَّ تَحَوَّلْتُ فَاضْطَجَعْتُ عَلَى فِرَاشِي، قَالَتْ: وَأَنَا حِينَئِذٍ أَعْلَمُ أَنِّي بَرِيئَةٌ، وَإِنَّ اللهَ- عَزَّ وَجَلَّ- يُبَرِّئُنِي بِبَرَاءَتِي، وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ سَيُبَرِّئُنِي بَرَاءَتِي وَلَكِنْ وَاللهِ مَا كُنْتُ أَظُنُّ أَنَّ اللهَ مُنْزِلٌ فِي شَأْنِي وَحْيًا يُتْلَى وَلَشَأْنِي فِي نَفْسِي كَانَ أَحْقَرَ مِنْ أَنْ يَتَكَلَّمَ اللهُ فِيَّ بِأَمْرٍ- وَفِي رِوَايَةِ الْقَطَّانِ: أَمْرٌ يُتْلَى- وَلَكِنْ كُنْتُ أَرْجُو أَنْ يَرَى رَسُولُ اللهِ صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي الْيَوْمِ رُؤْيَا يُبَرِّئُنِي اللهُ بِهَا.
قالت: فو الله مَا قَامَ رَسُولُ اللهِ صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَا خَرَجَ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْبَيْتِ حَتَّى نَزَلَ عَلَيْهِ مَا كَانَ يَأْخُذُهُ مِنَ الْبُرَحَاءِ حَتَّى إِنَّهُ لَيَتَحَدَّرُ مِنْهُ مِثْلُ الْجُمَانِ مِنَ الْعَرَقِ فِي يَوْمٍ شاتي، مِنْ ثِقَلِ الْقَوْلِ الَّذِي يَنْزِلُ عَلَيْهِ،
قَالَتْ: فَلَمَّا سُرِّيَ عَنْ رَسُولِ اللهِ صَلَّى اللهُ عليه وسلم سُرِّيَ عَنْهُ وَهُوَ يَضْحَكُ، فَكَانَ أَوَّلَ كَلِمَةٍ تَكَلَّمَ بِهَا يَا عَائِشَةُ أَمَا وَاللهِ لَقَدْ بَرَّأَكِ اللهُ،
قَالَتْ: فَقَالَتْ أُمِّي: قُومِي إِلَيْهِ، قَالَتْ: فَقُلْتُ: وَاللهِ! لَا أَقُومُ إِلَيْهِ وَلَا أَحْمَدُ، إِلَّا اللهَ، وَأَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ: إِنَّ الَّذِينَ جاؤُ بِالْإِفْكِ عُصْبَةٌ مِنْكُمْ لَا تَحْسَبُوهُ شَرًّا لَكُمْ، بَلْ هُوَ خَيْرٌ لَكُمْ، لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ مَا اكْتَسَبَ مِنَ الْإِثْمِ [ (٢٦) ] . الْعَشْرَ الْآيَاتِ كُلَّهَا.
فَلَمَّا أَنْزَلَ اللهُ عَزَّ وَجَلَّ هَذَا فِي بَرَاءَتِي، قَالَ أَبُو بَكْرٍ وَكَانَ يُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحِ بْنِ أُثَاثَةَ لِقَرَابَتِهِ مِنْهُ وَفَقْرِهِ: وَاللهِ لَا أُنْفِقُ عَلَى مِسْطَحٍ شَيْئًا أَبَدًا بَعْدَ الَّذِي قَالَ لِعَائِشَةَ، فَأَنْزَلَ اللهُ تَعَالَى: وَلا يَأْتَلِ أُولُوا الْفَضْلِ مِنْكُمْ وَالسَّعَةِ أَنْ يُؤْتُوا أُولِي الْقُرْبى وَالْمَساكِينَ وَالْمُهاجِرِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَلْيَعْفُوا وَلْيَصْفَحُوا أَلا تُحِبُّونَ أَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَكُمْ، وَاللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ [ (٢٧) ] ، قَالَ أَبُو بَكْرٍ: بَلَى، وَاللهِ إِنِّي لَأُحِبُّ أَنْ يَغْفِرَ اللهُ لِي، فَرَجَعَ إِلَى مِسْطَحٍ النَّفَقَةَ الَّتِي كَانَ يُنْفِقُ عَلَيْهِ، وَقَالَ: وَاللهِ لَا أَنْزِعُهَا مِنْهُ أَبَدًا.
[ (٢٦) ] [سورة النور- ١١] .[ (٢٧) ] [سورة النور- ٢٢] .
مشروع مجاني يهدف لجمع ما يحتاجه طالب العلم من كتب وبحوث، في العلوم الشرعية وما يتعلق بها من علوم الآلة، في صيغة نصية قابلة للبحث والنسخ.
لدعم المشروع: https://mail.shamela.ws/page/contribute