علم، وكذا قوله:{كَامِلَةٌ} تأكيدا آخر، وقيل: أريدَ بالتأكيد الكيفية لا الكمية حتى لو وقع صوم العشرة على غير الوجه المذكور لم تكن كاملة، وكذا قوله:{الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ وَمَنْ حَوْلَهُ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَيُؤْمِنُونَ بِهِ وَيَسْتَغْفِرُونَ لِلَّذِينَ آمَنُوا} ١، فإنه لو لم يقصد الإطناب لم يذكر:{وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} لأن إيمانهم ليس مما ينكره أحد من مثبتيهم، وحسن ذكره٢ إظهار شرف الإيمان ترغيبا فيه، وكذا قوله:{إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ} فإنه لو اختصر لترك قوله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ} لأن مساق الآية لتكذيبهم في دعوى الإخلاص في الشهادة كما مر وحسنه دفع توهم أن التكذيب للمشهود به في نفس الأمر٣، ونحوه قول البلغاء:"لا، وأصلحك الله"، وكذا قوله تعالى٤:{هِيَ عَصَايَ أَتَوَكَّأُ عَلَيْهَا وَأَهُشُّ بِهَا عَلَى غَنَمِي وَلِيَ فِيهَا مَآرِبُ أُخْرَى} ، وحسنه أنه عليه السلام فهم أن السؤال يعقبه أمر عظيم يحدثه الله تعالى في العصا، فينبغي أن يتنبه لصفاتها حتى يظهر له التفاوت بين الحالين، وكذا قوله:{نَعْبُدُ أَصْنَامًا فَنَظَلُّ لَهَا عَاكِفِين} ، وحسنه إظهار الابتهاج بعبادتها والافتخار بمواظبتها؛ ليزداد غيظ السائل.
١ راجع الآية والكلام عليها في المفتاح ص١٢٢. ٢ أي ذكر: {وَيُؤْمِنُونَ بِهِ} . هذا وكون هذا الإطناب بغير ما ذكر من الوجه السابقة ظاهر بالتأمل فيها: وقد يقال: إنها للاعتراض والواو اعتراضية، والجواب أن المتبادر كونها للعطف. ٣ وفيه نظر لأنها أيضا من قبل التكميل أو الاعتراض عند من يجوز كون النكتة فيه دفع الإيهام. ٤ ص١٢٢ مفتاح.