للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وَلَوْ مَسَّتْ امْرَأَةٌ امْرَأَةً لَمْ يَكُنْ حَدَثًا كَذَلِكَ مَسُّ الرَّجُلِ إيَّاهَا وَكَذَلِكَ مَسُّ الرَّجُلِ الرَّجُلَ لَيْسَ بِحَدَثٍ فَكَذَلِكَ مَسُّ الْمَرْأَةِ. وَدَلَالَةُ ذَلِكَ عَلَى مَا وَصَفْنَا مِنْ وَجْهَيْنِ: أَحَدُهُمَا: أَنَّا وَجَدْنَا الْأَحْدَاثَ لَا تَخْتَلِفُ فِيهَا الرِّجَالُ وَالنِّسَاءُ, فَكُلُّ مَا كَانَ حَدَثًا مِنْ الرَّجُلِ فَهُوَ مِنْ الْمَرْأَةِ حَدَثٌ, وَكَذَلِكَ مَا كَانَ حَدَثًا مِنْ الْمَرْأَةِ فَهُوَ حَدَثٌ مِنْ الرَّجُلِ, فَمَنْ فَرَّقَ بَيْنَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ فَقَوْلُهُ خَارِجٌ عَنْ الْأُصُولِ. وَمِنْ جِهَةٍ أُخْرَى أَنَّ الْعِلَّةَ فِي مَسِّ الْمَرْأَةِ الْمَرْأَةَ وَالرَّجُلِ الرَّجُلَ أَنَّهُ مُبَاشَرَةٌ مِنْ غَيْرِ جِمَاعٍ فَلَمْ يَكُنْ حَدَثًا, كَذَلِكَ الرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ. فَإِنْ قِيلَ: قَدْ أَوْجَبَ أَبُو حَنِيفَةَ الْوُضُوءَ عَلَى مَنْ بَاشَرَ امْرَأَتَهُ وَانْتَشَرَتْ آلَتُهُ وَلَيْسَ بَيْنَهُمَا ثَوْبٌ, وَلَا فَرْقَ بَيْنَ مَسِّهَا بِيَدِهِ وَبَيْنَ مَسِّهَا بِبَدَنِهِ. قِيلَ لَهُ: لَمْ يُوجِبْ أَبُو حَنِيفَةَ هَهُنَا الْوُضُوءَ بِالْمُبَاشَرَةِ وَإِنَّمَا أَوْجَبَهُ إذَا الْتَقَى الْفَرْجَانِ مِنْ غَيْرِ إيلَاجٍ, كَذَلِكَ رَوَاهُ مُحَمَّدٌ عَنْهُ وَذَلِكَ لِأَنَّ الْإِنْسَانَ لَا يَكَادُ يَبْلُغُ هَذِهِ الْحَالَ إلَّا وَيَخْرُجُ مِنْهُ شَيْءٌ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ, فَلَمَّا كَانَ الْغَالِبُ فِي هَذِهِ الْحَالِ خُرُوجَ شَيْءٍ مِنْهُ وَإِنْ لَمْ يَشْعُرْ بِهِ أَوْجَبَ الْوُضُوءَ لَهُ احْتِيَاطًا فَحُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْحَدَثِ, كَمَا أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الْغَالِبُ مِنْ حَالِ النَّوْمِ وُجُودَ الْحَدَثِ فِيهِ حُكِمَ لَهُ بِحُكْمِ الْحَدَثِ; فَلَيْسَ إذًا فِي ذَلِكَ إيجَابُ الْوُضُوءِ مِنْ اللَّمْسِ, وَاَللَّهُ أَعْلَمُ بِالصَّوَابِ.

<<  <  ج: ص:  >  >>