وقال ابن عباس في الآية: "الأنداد هو الشرك، أخفى من
أنداد له-يعني في الربوبية-; لأن هذا محط التقبيح من هؤلاء، أنهم يجعلون له أندادا وهم يعلمون أنه لا أنداد له في الربوبية، أما في الألوهية; فيجعلون له أندادا، قالوا للنبي صلى الله عليه وسلم: {أَجَعَلَ الْآلِهَةَ إِلَهاً وَاحِداً إِنَّ هَذَا لَشَيْءٌ عُجَابٌ} ، [صّ:٥] ، ويقولون في تلبيتهم: "لبيك لا شريك لك إلا شريكا هو لك تملكه وما ملك"، وهذا من سفههم; فإنه إذا صار مملوكا; فكيف يكون شريكا، ولهذا أنكر الله عليهم في قوله: {فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْدَاداً وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ} ، [البقرة: من الآية٢٢] ؛ إذ الأنداد بالمعنى العام- بقطع النظر عن كونه يخاطب أقواما يقرون بالربوبية- يشمل الأنداد في الربوبية، والألوهية، والأسماء والصفات. قوله: "وقال ابن عباس في الآية": أي: في تفسيرها. قوله: "هو الشرك": هذا تفسير بالمراد; لأن التفسير تفسيران: ١- تفسير بالمراد، وهو المقصود بسياق الجملة بقطع النظر عن مفرداتها. ٢- تفسير بالمعنى، وهو الذي يسمى تفسير الكلمات. فعندنا الآن وجهان للتفسير: أحدهما: التفسير اللفظي وهو تفسير الكلمات، وهذا يقال فيه: معناه كذا وكذا. والثاني: التفسير بالمراد، فيقال: المراد بكذا وكذا، والأخير هنا هو المراد.