فاليهود: منعوا الخالق أن يبعث رسولًا بغير شريعة الرسول الأول، وقالوا: لا يجوز أن ينسخ ما شرعه، أو يمحو ما يشاء ويثبت.
والنصارى: جوزوا لأحبارهم وأكابر علمائهم وعبادهم أن يغيروا دين الله فيأمروا بما شاءوا، وينهوا عما شاءوا، كما ذكرالله ذلك عنهم؛ بقوله:{اتَّخَذُوا أَحْبَارَهُمْ وَرُهْبَانَهُمْ أَرْبَابًا مِنْ دُونِ اللَّهِ} ١، جاء في حديث عدي بن حاتم رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال بعد هذه الآية:"أما إنهم لم يكونوا يعبدونهم؛ ولكنهم كانوا إذا أحلوا لهم شيئًا استحلوه، وإذا حرموا عليهم شيئًا حرموه" ٢.
والمسلمون: قالوا: لله الخلق والأمر، يمحوا ما يشاء ويثبت، وقالوا: إن الله يحكم ما يريد، وأما المخلوق؛ فليس له أن يبدل أمر الخالق تعالى، مهما بلغت منزلته وعظم قدره.
٤- في أمر الحلال والحرام:
هي في ذلك أيضًا متوسطة معتدلة, وهي وسط بين اليهود والنصارى.
فاليهود: حرم عليهم كثير من الطيبات؛ مما حرمه إسرائيل على نفسه {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلاًّ لِبَنِي إِسْرائيلَ إِلَّا مَا حَرَّمَ إِسْرائيلُ عَلَى نَفْسِهِ} ٣، ومما حرمه الله عليهم جزاء بغيهم وظلمهم، كما قال تعالى: {فَبِظُلْمٍ مِنَ الَّذِينَ هَادُوا حَرَّمْنَا عَلَيْهِمْ طَيِّبَاتٍ أُحِلَّتْ لَهُمْ وَبِصَدِّهِمْ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ كَثِيرًا، وَأَخْذِهِمُ
١ سورة التوبة: آية ٣١. ٢ ت: كتاب التفسير، باب ومن سورة التوبة ٥/ ٢٧٨، ح ٣٠٩٥، وقال الترمذي: هذا حديث غريب لا نعرفه إلا من حديث عبد السلام بن حرب وغطيف بن أعين ليس بمعروف في الحديث. وقال الألباني: "حسن" صحيح الترمذي ٣/ ٥٦، ح ٢٤٧١. ٣ سورة آل عمران: آية ٩٣.